كنوز وذهب وثروات نادرة ..صراع بين القوى الكبرى على معادن القمر
“لا يجوز ان يصبح القمر ملكا لأي دولة او شخص او جهة” بحسب اتفاق يعود لعام 1979ومع إطلاق روسيا مركبة إلى سطح القمر، يأتي السؤال حول أهمية القمر وما به من كنوز بالنسبة للبشر.
أطلقت روسيا أولى مركباتها الفضائية إلى سطح القمر قبل 47 عاما، وسط سباق مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة والصين والهند لاستكشاف المزيد عن العناصر الموجودة في القمر.
وقالت روسيا إنها ستطلق مزيدا من البعثات إلى القمر قبل أن تبحث إمكان إرسال مهمة مشتركة مع الصين، بل وإنشاء قاعدة هناك.
وتحدثت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) عن “ذهب القمر” وبحثت إمكان التنقيب عنه.
ويبعد القمر 384400 كيلومتر عن الأرض ويبطئ من تذبذب ودوران الأرض حول محورها، ما يضمن وجود مناخ أكثر استقرارا.ويتسبب القمر أيضا في حدوث مد وجزر في محيطات العالم.
وتتفاوت درجة حرارة القمر، فعند تعرضه لضوء الشمس أكثر من ست ساعات يوميا ترتفع إلى 127 مئوية، بينما تهوي في الظلام إلى نحو سالب 173 ولا يوفر الغلاف الخارجي للقمر حماية للجرم السماوي من إشعاعات الشمس.
الماء على القمر
أفادت ناسا بأن المهمة الهندية (تشاندرايان-1) اكتشفت في 2008 وجود الماء بشكل قاطع لأول مرة على القمر
إذ رصدت جزيئات الهيدروكسيل منتشرة في أنحاء سطحه ومتركزة في قطبيه.
والماء ضروري لحياة البشر ويمكن أيضا أن يكون مصدرا للهيدروجين والأكسجين اللذين يستخدمان وقودا للصواريخ.
الهيليوم-3
الهيليوم-3 هو نظير للهيليوم ويندر وجوده على الأرض، لكن ناسا تقول إن ثمة تقديرات بوجود مليون طن منه على القمر.
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنه يمكن لهذا النظير أن يوفر الطاقة النووية في مفاعلات الاندماج النووي من دون تخليف نفايات خطرة لأنه غير مشع.
معادن أرضية نادرة
وخلص بحث لشركة “بوينغ” إلى وجود معادن أرضية نادرة، تستخدم في تصنيع الهواتف الذكية والحواسيب والتقنيات المتقدمة، على القمر ومنها الاسكانديوم والإتريوم والخمسة عشر عنصرا المكونة لمجموعة اللانثانيدات في الجدول الدوري.
كيف السبيل لتعدين القمر؟
لم يتضح ذلك بعد. وسيتعين إنشاء نوع ما من البنية التحتية على القمر.وستجعل الظروف على القمر الروبوتات تؤدي أغلب العمل الشاق، غير أن وجود الماء على سطحه سيسمح بوجود البشر لفترات طويلة.
علام ينص القانون؟القانون غير واضح ومليء بالثغرات وتنص “معاهدة المبادئ المنظمة لنشاطات الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى” لعام 1966 على أنه لا يحق لأي دولة إعلان سيادتها على القمر أو غيره من الأجرام السماوية وأن استكشاف الفضاء ينبغي له تحقيق فائدة ومصالح جميع البلدان.
لكن محامين يقولون إن من غير الواضح ما إذا كان يحق لجهة خاصة إعلان سيادتها على جزء من القمر.وقالت مؤسسة (راند) في تدوينة في العام الماضي “تعدين الفضاء خاضع لسياسات أو حوكمة قليلة الوجود نسبيا، على الرغم من احتمال وجود هذه المخاطر المرتفعة”.
وينص “الاتفاق المنظم لأنشطة الدول على سطح القمر والأجرام السماوية الأخرى” لعام 1979 على أنه لا يجوز أن يصبح أي جزء من القمر “ملكا لأي دولة، أو منظمة حكومية دولية أو غير حكومية، أو لأي منظمة وطنية، أو لأي كيان غير حكومي أو لأي شخص طبيعي”.
ولم تصدق أي من القوى الفضائية الكبرى على الاتفاق.
وأعلنت الولايات المتحدة في 2020 توقيع “اتفاقات أرتميس”، وهي مسماة على اسم برنامج ناسا للقمر “أرتميس”، للسعي إلى تعديل قانون دولي قائم للفضاء من خلال إنشاء “مناطق آمنة” على القمر. ولم تنضم روسيا والصين إلى الاتفاقات.
“خطوة صغيرة لكنها عملاقة”الخطوات الأولى على سطح القمر.. عندما وضع نيل أرمسترونغ قدميه يوم 20 يوليو 1969 على سطح القمر قال واحدة من أكثر الجمل شهرة على الإطلاق: “هذه خطوة صغيرة للإنسان لكنها قفزة عملاقة للبشرية”.
وأعلنت مؤسسة “روس كوسموس” الروسية يوم الجمعة 11 أغسطس إطلاق مركبة “لونا-25″ التي طورتها لدراسة القمر ومحتويات تربته.لونا – 25” الروسية ستكون مهمتها بالدرجة الأولى البحث عن آثار المركبات العضوية والماء، وهذه المركبة مزودة بجهاز لاستخراج التربة من عمق يصل إلى 40 سم.
الميزة هذه المرة تتمثل في أن تحليل التربة سيجري على الفور على متن المركبة الفضائية الروسية، ولن يتم انتظار العودة إلى الأرض لإنجاز ذلك، كما سيسمح مطياف خاص، بالكشف عن التركيب النظائري الأولي.
إضافة إلى كل ذلك، ستقوم المركبة القمرية الروسية “لونا – 25” بإجراء قياسات للخلفية الإشعاعية للنيوترونات وأشعة جاما على سطح تلك المنطقة القمرية، وسيتم دراسة مكونات البلازما والغبار.
الجدير بالذكر أن الرحلة القمرية السابقة “لونا – 24 “، والتي جرت في أغسطس 1976، نقلت إلى الأرض عمودا من التربة القمرية يبلغ طوله حوالي 160 سم وبوزن 170 غراما، إلا أن المركبة الحالية لديها مهام جديدة تماما، وتتمثل في دراسة تربة القمر والغلاف الخارجي بالقرب من القطب الجنوبي.
المسيرة القمرية الدولية كانت بدأت بالمركبة الفضائية “لونا – 1″، التي أرسلها الاتحاد السوفيتي مبكرا في اختراق تاريخي في يناير عام 1959. نجحت تلك المركبة في الوصول على السرعة الكونية والتغلب على الجاذبية الأرضية والوصول إلى سطح القمر خريف ذلك العام، وقامت من هناك لأول مرة في التاريخ بإرسال صور للجانب البعيد من القمر، فيما كان الامريكيون قد فشلوا مرارا في تلك الفترة في إطلاق مركبات “بايونير”.
الريادة السوفيتية للفضاء بإرسال أول قمر صناعي إلى المدار عام 1957، وإرسال يوري غاغارين، أول رائد فضاء وصل إلى الفضاء الخارجي ودار حول الأرض في عام 1961، وسوابق مماثلة دفعت الولايات المتحدة إلى حشد إمكانيات هائلة والقيام بجهود جبارة لمنافسة غريمتها، حتى أنها أعادت النظر في مناهجها الدراسية، وواصلت جهودها إلى أن تمكنت من إرسال بعثات مأهولة إلى القمر.
بعثات الأمريكيين المأهولة إلى القمر على الرغم من أن عددها وصل إلى ست ببين عامي 1969 – 1972، إلا أن أصحاب نظيرة المؤامرة بما في ذلك بعض المتخصصين في الغرب يرفضون تصديقها، ويسوقون الأدلة على أنها بعثات جرت في استوديوهات هوليوود!
على كل حال، السابق الدولي على اكتشاف الفضاء بحد ذاته محرك هام ودافع لتحشد الدول ذات العلاقة جهودها وتحقق إنجازات “يفترض أنها للإنسانية كافة”، وتصب في مصلحة الجميع، هذا من الناحية النظرية الصرفة بالطبع.
في هذا السياق تخطط الولايات المتحدة لإيصال امرأة وشخص ملون في عام 2025 إلى سطح القمر، ولأول مرة ستكون محطة الوصول في القطب الجنوبي، وربما تتزامن هذه الرحلة المستقبلية مع رحلات أخرى، بفضل السابق الدولي الفضائي السلمي.