ما لا تعرفه عن قصة الرجل المعجزة الذي يُنسب له الفضل في اكتشاف أهم آبار النفط السعودي
(في الصحراء لا يتيه خميس) بهذه الكلمات وصف توم باركر وهو أحد الجيولوجيين العاملين في مجال النفط، ذلك الرجل السعودي الذي شارك في اكتشاف أول بئر نفط تم العثور عليه في السعودية وهو (خميس بن رمثان) وقد سمي البئر آنذاك بالبئر رقم ٧ أو بئر الخير..
وقد أطلقت الشركة السعودية للنقل البحري مؤخرا اسم ( بن رمثان) على احدى ناقلاتها في استذكار جديد لها لذلك الرجل الذي قامت (أرامكو ) في عام ١٩٧٤ بإطلاق اسمه على حقل من حقول النفط التي تم اكتشافها في المنطقة الشرقية، وقد وصف بأنه ذو ذاكرة فذة لا تنسى ولا تتيه عن جهة مر بها ولو بعد عشر سنوات.
بداية خميس بن رمثان
في الوقت الذي كانت السعودية فيه تجري البحث عن موارد هامة من أجل الحصول على الرفاه الاقتصادي لشعبها.
قام الملك الملك عبدالعزيز بتكليف شخصان، واحد منها أميركي والآخر سعودي، في مهمة للبحث والتنقيب تطبيقاً لامتياز أحد الشركات الأميركية
التي قامت بصب كامل جهودها بهدف البحث وإيجاد النفط بأسلوب تجاري في المنطقة الشرقية.
وفي ذلك الوقت يئست الشركة من وجود النفط لكن “ماكس ستاينكي” ورفيقه الخبير الصحراوي خميس بن رمثان بحثوا في الصحاري كلها عن ينبوع الخير.
إلى أن انسكب بين أيديهم البئر رقم 7، وكان ذلك بعد أن فشلوا سبع مرات.
وقد عمل “خميس بن رمثان”، مع “أرامكو” بصفة دليل بتكليف من الملك عبدالعزيز منذ عام 1353 هجرية أي بعد أن تم توحيد المملكة بسنتين.
وخاصة في أوائل عام 1934م، ثم بدأ يتتبع المواقع التي يعرفها وموارد المياه كلها.
وقد اعتبره وزير النفط السابق علي النعيمي واحداً من أهم الشخصيات الملهمة له خلال سنوات العمل الأولى باحثين عن النفط في السعودية.
الاختبار الحقيقي لـ بن رمثان
لا يوجد أي شيء أو معلم في الصحراء يشير إلى موقع معين غير ذاكرة الأشخاص والذين على دراية كاملة بمجاهيلها وطرقها.
فعندما استعانت أرامكو بـ “ابن رمثان”، لم يكن رجالها مؤمنين بخبرته ومعرفته بطرق الصحراء ومواقعها.
وعلى الرغم من امتلاك الجيولوجيين الأمريكيين بعض الأجهزة في ذلك الوقت، لكن الحدس والمعرفة بمسار النجوم والاتجاهات كانت الأقوى لدى ابن رمثان.
وفي بداية التنقيب واجهت تلك الأجهزة صعوبة في تحديد المواقع، مما أوقع عدد من الجيولوجيين في الحيرة، عندها وقف خميس أمامهم وقال “أنا أستطيع أن أمشي بخط مستقيم للموقع”.
قام ذلك الوفد بالتحرك وراء خميس بن رمثان يمتطي ظهر راحلته، وكانوا وقتها يضعونه تحت تجربة واختبار حقيقي.
إلى أن أوصلهم إلى الموقع الذي يريدون وبذلك صار خميس هو الدليل الذي لا يشق له غبار عندهم.
في أحد المواقف كان خميس في الطائرة ومعه وزير النفط السابق النعيمي، عندها أشار بن رمثان للوزير من خلال النافذة، أثناء وجودهم فوق الربع الخالي وقال، أنهم كانو هناك منذ سنتين، فأجابه النعيمي مستغرباً:
“لا أرى سوى كثبان رملية متشابهة”.
تصريحات حفيد الدليل خميس
شبيب بن محمد بن خميس بن رمثان، حفيد الدليل الشهير خميس في حديثه لـ “العربية”، بين أنّ الشركة السعودية “البحري” قامت بتدشين الناقلة العملاقة.
وقبل ذلك كانت أرامكو قد أطلقت على أحد الحقول اسم بن رمثان، فخراً وتخليداً للدور الذي قام به هذا الرجل.
وفي احتفال من الاحتفالات الرسمية بين شبيب لـ”أرامكو” السعودية، أنه قد دخل صدفة جنب وزير النفط السابق علي النعيمي.
“وعندما كان يمشي سلمت عليه وقمت بالتعريف عن نفسي، فعندما عرف أنّ اسم عائلتي بن رمثان، توقف عن سيره مبدياّ دهشته بسبب حبه الشديد لهذا الرجل ولإنجازاته التي قام بها في إطار البحث عن النفط”.
وبحسب ما قال شبيب إن “أرامكو”، قامت بطبع عدد كبير من التذكارات عليها صور “بن رمثان”.
وقد توفي خميس، وهو على رأس عمله وبعمر الخمسين، وحصل ذلك عام 1959م بعد معاناة مع مرض السرطان.
فكم من أشخاص مثل (بن رمثان) كان لها أثر في تاريخ شعوبها وتغيير وجه حياتهم ولكن لم يتاح لهم ما أتيح لهذا الرجل من معرفة ماقدمه لوطنه بشكل غير مجرى التاريخ.
اقرأ أيضاً: “نفاد النفط ومناخ قاتل”.. ما مدى حقيقة التقارير الدولية عن مستقبل الخليج؟
بات مستقبل منطقة الخليج العربي خلال الأعوام الماضية محلّ حديث خبراء ومراقبين حول العالم.
وذلك بسبب مخاطر بيئية تتعلّق بالتغيّر المناخي، إضافة إلى الحديث المتكرّر عن نفاد النفط وما يترتّب عليه من أزمات اقتصادية وسياسية.
ومن المعروف أن دول الخليج تعتمد اقتصاداتها بشكل أساسي على إيرادات البترول والغاز الطبيعي.
ويشير عدد من الدراسات إلى أنّ الخليج العربي يقع ضمن المناطق التي تواجه خطراً مدمراً، جرّاء موجات الحرارة المتصاعدة الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
نضوب النفط
ويوصي الخبراء بتغيير بوصلة موارد الطاقة بدول الخليج العربي من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة النظيفة المتجدّدة.
وهو ما شرعت دول خليجية في تنفيذه تُجنّباً للمصير الكارثي الذي ورد في عديد من التقارير الدولية.
كما أنّ التوجّه المغاير والسياسات البيئية التي ينتهجها بعض دول الخليج خلال الأعوام الماضية قد تقلّل احتمالية تأثُّر دول الخليج بالكوارث الطبيعية الناتجة عن الظاهرة.
بل وتجعلها في مقدمة الدول ذات الاقتصاد النظيف، حال نجاح توسيع نطاق سياسات البيئية النظيفة.
من جانبها أعلنت السعودية، وهي المصدر الأكبر للنفط في العالم، إطلاقها عديد من الإصلاحات الداخلية لتنويع الاقتصاد.
وتضمّن ذلك عدداً من المشاريع البيئية الكبرى، مع التركيز الكبير على الطاقة الشمسية كأحد أهمّ مصادر الطاقة المستدامة.
“ضربة مزدوجة”
يحذّر خبراء بيئيون من أنّ أزمة المناخ قد توجّه “ضربة مزدوجة” إلى منطقة الشرق الأوسط عموماً، من خلال “إنضاب دخلها من النفط.
في وقت تحوّل العالم إلى مصادر الطاقة المتجدّدة وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات متطرّفة غير مواتية للحياة”.
في هذا الصدّد يقول جيفري ساكس رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة: “نحن أمام مشكلات رهيبة .. هذه المنطقة هي مركز الوقود الأحفوري في العالم، لذا فإن كثيراً من اقتصاداتها يعتمد على وقود لم يعُد مواتياً للعصر، وعلينا وقف استخدامه”.
ويتفق ساكس بذلك مع الباحثة والمتخصّصة في التغيّر المناخي ماري لومي، التي ترى أنّه “رغم احتواء دول الخليج على احتياطيات من النفط قد تكفي لقرن آخر”، فإنّ “الخليجيين لديهم بالفعل سبب للتخوّف”، لأنّ “تراجع الطلب العالمي قد يحصل مبكراً”.
وتؤكّد لومي أنّ المجتمعات الخليجية ينتظرها “طريق طويل في سبيل بناء الهياكل المؤسساتية والاجتماعية، عندما ينتقل تركيز الصناعة العالمية مستقبلاً بعيداً عن صادرات الغاز والنفط”.
استراتيجيات بديلة وخطوات إيجابية
حسب جيفري ساكس، فإنّه باستطاعة دول الخليج قلب المناخ الحارّ والشمس الحارقة من نقمة إلى نعمة، إذ قال إنّ “النبأ السار هو وجود كثير من أشعة الشمس لدرجة أنّ الحل موجود أمامهم، كل ما عليهم هو أن ينظروا إلى السماء، فأشعة الشمس توفّر لهم أساس اقتصاد جديد نظيف وأخضر”.
وعمدت دول خليجية مؤخراً إلى تدشين خطط وبرامج بيئية لتنويع مصادر الطاقة والدخل القومي، من شأنها أن تجنّب المنطقة المصير الكارثي المزعوم.
وترى ماري لومي أنّه بالنظر إلى عدد سكان هذه الدول الصغير، ودخلها من صادرات النفط والغاز المرتفع، فإنّها في واقع الأمر “لديها مزيد من الموارد لتنويع الاقتصاد” والاعتماد أكثر على مصادر للطاقة المتجددة، إضافة إلى “بناء مجتمع معرفي وتخفيض كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.
بالفعل أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية للطاقة 2050، التي تهدف إلى رفع مساهمة الطاقة النظيفة من 25% إلى 50%، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70%، كما تدشّن حالياً إمارة أبو ظبي محطة طاقة شمسية كبرى، ويأتي ذلك بجانب إطلاق محطة “براكة” كأولى محطات الطاقة النوويّة بغرض توليد الكهرباء في البلاد.
وأفاد تنزيد علم، مدير “إيرث ماترز” للاستشارة المتخصصة في البيئة، ومقرّها دبي، بأنّ في الإمارات مزيداً من الاهتمام بالمخاطر البيئية الناتجة عن تغيّر المناخ.