يمكن تحديد الأثرياء حول العالم في مجموعتين رئيسيتين تضم الأولى أولئك الذين للفقراء نصيب من أموالهم، وأما المجموعة الثانية فتضم أشخاصاً على النقيض تماماً.
وهم في الغالب غير سعداء رغم ثرائهم الفاحش، وذلك بحسب آراء أثرياء النموذج الأول!
كما يقول البريطاني السير كريس هون إن السبب في تراكم ثروته هو عطاؤه الخيري، حيث ظل يتبرع بـ 2.6 مليون دولار يوميًا، وهو ما يعادل 107 آلاف دولار كل ساعة..
وكان هون (56 عاماً) رجلاً ثرياً غير سعيد، واليوم هو سعيد وأكثر ثراء، إذ تُقدر ثروته بنحو 6.2 مليارات دولار أميركي.
متعة العطاء
قال هون لصحيفة صنداي تايمز (Sunday Times) التي نشرت مقابلتها معه اليوم في تقرير “إذا وضعتك على طاولة مع 5 أطفال يتضورون جوعاً وكان لديك طبق كبير من الطعام، فهل علي أن أشرح لك لماذا يجب عليك مشاركتهم إياه؟
تخيل متعة إعطاء شخص ما ماء نظيفاً أو منع طفل من الموت جوعاً، إذا أخبرتك أنه يمكنك إنقاذ حياة مقابل 40 أو 100 دولار، فلا يمكنك إخباري أن هذه ليست صفقة رائعة”.
وأوضح التقرير أن السير هون، الذي يتصدر قائمة صنداي تايمز للأشخاص الأكثر عطاءً تبرع بأكثر من 15% من ثروته، وفقا للحسابات الأخيرة، من خلال مؤسسة صندوق استثمار الأطفال (CIFF) التي أنشأها عام 2004 للتركيز على تحسين حياة الأطفال في البلدان النامية وتحدي تغير المناخ. وقد تبرعت هذه المؤسسة بحوالي 940 مليون دولار عام 2021.
دافع روحي
ويذكر السير هون أن الحياة أصبحت بالنسبة إليه الآن بسيطة وغنية من الناحية الروحية، مضيفا أنه شعر منذ أكثر من عقدين، عندما حصل على مكافأة قدرها 10 ملايين دولار، بدافع لكي يتبرع ويعطي، قائلاً “تبرعتُ بهذه المكافأة للجمعيات الخيرية” ولم يكن لديه تفسير لذلك آنذاك فـ “لم يكن لدي بالفعل إجابة واضحة عن السبب حتى وقت قريب، عندما أدركت أنها دافع روحي” يعترف بضحكة عصبية.
وفي ذلك الوقت تقريباً التقى زوجته الثانية، الدكتورة كايلي هون، وتزوجها، وتشاركا في تأسيس لايتين (LightEn) وهي مؤسسة خيرية تمول التدريس والبحث في التعليم الإنساني والروحانية.
يقول إن حديثه مع كايلي ذاك الوقت كان مليئاً بعبارات مثل “رغبة الروح، العقل السفلي”.
يقول التقرير إن هذه المفردات لا يمكن توقعها من ممول تحوط متمرس اكتسب سمعة في المدينة باعتباره شخصاً يتخذ نهجاً مندفعاً في الاستثمار.
أزمة الأنانية
ويقول السير هون “لقد توصلت إلى أنه في حين أن كل العمل الذي أقوم به مهم، فإن أحد أهم الأشياء هو التعليم الروحي، علينا حل مشكلة الأنانية في المجتمع، إنها أكبر أزمات المجتمعات”.
هون لديه 4 أطفال من بينهم 3 توأم، ونشأ في آدلستون ساري بالمملكة المتحدة، وكان والده المولود في جامايكا ميكانيكي سيارات ووالدته سكرتيرة قانونية.
درس بجامعة ساوثهامبتون المحاسبة والاقتصاد قبل حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد.
كلما تبرع زادت أمواله
يعتقد السير هون أن من المهم تغيير وعي الناس للقضاء على اللامبالاة والأنانية، ويقول إن التبرع لمكافحة التغير المناخي هو أكبر مجالات العطاء بالنسبة له لأنه يؤثر على البلدان الفقيرة بطريقة كارثية” مشيراً إلى أنه كان في كينيا ورأى تأثير الجفاف هناك، ورأى الناس يواجهون صعوبات في الزراعة.
وأكد أنه امتنع عن أكل اللحوم منذ 20 عاماً مقترحاً أن يمتنع الجميع مثله من أجل حماية الكوكب.
ويقول التقرير إن العمل الخيري أعطى لهون معنى وهدفًا للحياة.
ونقل عنه قوله إن العمل الخيري هو سبب جني الأموال فـ “ما وجدته هو أنه كلما تبرعت بالمال، زادت الأموال التي تأتيني، وإذا لم أتبرع، فلن يأتي، لذلك أعتقد أن هذا هو السر، يبدو الأمر مضحكاً لكنني لا أقول ذلك باستخفاف”.
ومن الجدير بالذكر أن الصدقة تفتح أبواب الرزق في العالم الإسلامي وسبب رئيسي لزيادة الأموال، وفي تجربة السير هون أكبر دليل على صحة ذلك.
المصدر: aljazeera.net