تعددت استعمالات البطاريات بشتى أنواعها، حيث قام هذا الاختراع منذ ظهوره بتوفير الوقت والجهد والراحة لمستعمليه.
ويقوم العلماء والباحثين بعملية التطوير باستمرار، وكان آخرها ، تطوير بطارية الزنك والهواء (Zinc-Air) بشكل يجعلها قابلة لإعادة الشحن والاستخدام، من قبل فريق من العلماء من “جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس” (University of California, Los Angeles) -من بينهم باحثان مصريان.
حيث ظهر الخبر في غلاف مجلة “أدفانسد إنيرجي ماتريالز” (Advanced Energy Materials)، في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي.
والباحثان المصريان هما الدكتور ماهر القاضي الذي يشغل منصب أستاذ باحث مساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا، والدكتورة نهلة محمد التي تشغل حاليا منصب مدرس في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة القاهرة، وباحث بجامعة كاليفورنيا.
يشغل ماهر القاضي منصب أستاذ مساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا (مواقع التواصل)
عقبات قائمة
تنقسم البطاريات من حيث قابليتها للشحن إلى نوعين: البطاريات الأولية (Primary batteries) وهي التي تستخدم لمرة واحدة ولا يمكن إعادة شحنها، ومن أمثلتها البطاريات القلوية التي تستخدم في بعض الأجهزة الإلكترونية وساعات اليد.
أما النوع الآخر فهو البطاريات الثانوية (Secondary batteries) والتي يمكن إعادة شحنها، ومن أمثلتها بطاريات الرصاص، وبطاريات النيكل، وبطاريات الليثيوم-أيون التي توجد في الهواتف الخلوية وفي السيارات الكهربائية.
ويعتمد رواد الصناعة اليوم على بطاريات الليثيوم بشكل رئيس. ويشير القاضي -في رسالة صوتية مع الجزيرة نت- إلى “أن المخزون العالمي من الليثيوم يقدر بنحو 20 مليون طن حاليا، وهو ما يعد غير كاف لتلبية احتياجات السوق العالمية التي تشهد اليوم تزايدا مطردا في الحاجة إلى بطاريات صديقة للبيئة وذات كفاءة عالية وغير مكلفة”.
وإضافة لذلك، يذكر القاضي أن “عملية تعدين الليثيوم واستخراجه تعد باهظة الثمن”، مما يجعل الاعتماد عليه مصدرا أساسيا لتلبية الطلب العالمي المتزايد على بطاريات الليثيوم أمرا مكلفا.
ولذا، فقد اتجهت الأبحاث إلى نوع آخر من البطاريات التي تستخدم الزنك، وتعرف باسم بطاريات الزنك والهواء (Zinc-air batteries). إذ تنتج هذه البطاريات الكهرباء من خلال تفاعل كيميائي يحدث بين الزنك وبين الأكسجين المستمد من الهواء.
البطاريات الثانوية يمكن إعادة شحنها ومن أمثلتها بطاريات الرصاص وبطاريات النيكل وبطاريات الليثيوم-أيون (راوبيكسل)
بطاريات الزنك آمنة وغير مكلفة
ويرشح العلماء بطاريات الزنك لأن تكون الجيل التالي من البطاريات التي يمكنها تلبية الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية، وذلك بدلا من بطاريات الليثيوم-أيون، حيث توفر بطاريات الزنك جميع الخصائص المطلوبة في الجيل التالي من البطاريات الثانوية مثل إنتاجها لكثافة عالية من الطاقة.
وفي هذا الصدد، يشير القاضي إلى أن “بطاريات الزنك توفر ضعف القدر من الطاقة التي توفرها بطاريات الليثيوم ذات الحجم نفسه تقريبا”. كما أن مخاطر انفجار بطاريات الزنك تعد أقل بكثير مقارنة ببطاريات الليثيوم، ولا ينبعث منها ملوثات تضر بالبيئة.
ويعقب القاضي على مدى مواءمة بطاريات الزنك للاستخدام قائلا إنها “تعتمد على المحاليل المائية، مما يجعلها آمنة تماما وغير قابلة للاشتعال مثلما هو الحال في بطاريات الليثيوم”. وبالإضافة لذلك، فإن الزنك من العناصر المتوافرة في الطبيعة، كما أن عملية استخراجه غير مكلفة مقارنة بالليثيوم.
غير أن هناك معضلة أساسية تتمثل في عدم قابلية بطاريات الزنك لإعادة الشحن ومن ثم إعادة الاستخدام. وتعتبر التفاعلات الكيميائية الحادثة عند أقطاب البطارية هي العامل الحاسم الذي يحد من إعادة استخدام هذا النوع من البطاريات. فعندما تنتقل الأيونات من القطب الموجب للبطارية إلى قطبها السالب مرورا بالمحلول المائي، فإنها تتفاعل مع الزنك الموجود عند القطب السالب مولدة شحنة كهربائية، مما ينتج الطاقة.
العامل المحفز الجديد يعد أكثر استقرارا وثباتا كما أنه غير مكلف (شترستوك)
التغلب على أحادية الاستخدام
ومع الاستخدام المتكرر، يتم استهلاك كمية الزنك الموجودة عند القطب السالب، علما بأن هذه التفاعلات غير انعكاسية (Electrochemical irreversible reactions)، إلا في وجود عامل محفز قوي، مما يوقف سريان التفاعلات الكيميائية بين أقطاب البطارية.
وللحصول على بطارية قابلة لإعادة الشحن، فإنه يتحتم على العلماء أن يتمكنوا من حث انعكاس هذه التفاعلات، ومن ثم استرجاع الزنك المُستهلك.
ومن بين أفضل العوامل المحفزة التي يستخدمها العلماء في بطاريات الزنك حاليا ذاك العامل الذي يعتمد على “البلاتينيوم وأكسيد الروثينيوم” (Platinum and ruthenium oxide). ويعد البلاتينيوم والروثينيوم من العوامل الثمينة باهظة الثمن (إذ ينتميان إلى مجموعة البلاتين)، مما يجعلهما غير جديرين بالاستخدام على النطاق الصناعي الأوسع.
ووجد فريق الدراسة -من خلال اختبارات المتانة القياسية- أن هذا العامل المحفز يتحلل بعد 18 ساعة من استخدام البطارية. ولذا، استخدم الفريق عامل محفز آخر -من النيكل والكوبالت والحديد (Ni-Co-Fe)- مما مكن البطارية من العمل حتى 220 ساعة.
ويشير القاضي إلى أن “العامل المحفز الجديد يعد أكثر استقراراً وثباتاً، كما أنه غير مكلف”.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أتاح ذلك عددا أكبر من مرات الشحن والتفريغ الخاصة بالبطارية، وصلت إلى 1300 مرة، وهو ما يعادل ضعف عدد مرات الشحن والتفريغ الخاصة ببطاريات الليثيوم-أيون.
بمواصفات عالية لبطاريات الزنك والهواء، ككونها أكثر أماناً، وجودةً لإعاة الشحن والاستخدام، قد يكون مستقبل تلك البطاريات.
المصدر: aljazeera.net