منوعات

حدث جديد لم نرصده مسبقاً ناتج عن تصادم ثقبين أسودين في الفضاء

ينتج عن تصادم الثقوب السوداء في الفضاء تموجات الزمكان التي تقدم الكثير من المعلومات عن هذه الأجسام الغامضة.

ومنها: كتلتها، وشكل التفافها الحلزوني تجاه بعضها البعض، ودورانها، واتجاهها الحركي.

ومن خلال هذه البيانات، تأكّد العلماء من أن معظم الاصطدامات التي رأيناها كانت بين الثقوب السوداء في الأنظمة الثنائية (يبدأ الثقبان الأسودان كثنائيّ من النجوم الضخمة التي تتحول إلى ثقوب سوداء معًا، ثم تتحرك في مسار حلزوني وتندمج مع بعضها).

حتى الآن اكتُشف 90 عملية اندماج تقريبًا، لكن واحدة منها رُصدت في مارس 2019 وكانت غير مألوفة، إذ أحدثت تموجات في الزمكان لم يسبق رؤيتها من قبل، وسميت GW19052.

وبخصوص ذلك قالت عالمة الفيزياء الفلكية روسيلا جامبا من جامعة جينا في ألمانيا: «إن شكل GW19052 وبنيتها الشبيهة بالانفجار يختلفان كثيرًا عن الملاحظات السابقة … في البداية حُللت GW190521 بوصفها اندماج بين ثقبين أسودين كثيفين يدوران بسرعة، ويقتربان من بعضهما في مدارات دائرية، لكن ميزاتها الخاصة دفعتنا إلى اقتراح تفسيرات أخرى محتملة».

على وجه التحديد، كان من الصعب تفسير المدة القصيرة والحادة لإشارة موجة الجاذبية.

تتولد موجات الجاذبية من اندماج ثقبين أسودين، وتشبه التموجات التي تحدثها صخرة على سطح الماء عندما تسقط في بركة، وتتولد أيضًا بالالتفاف الحلزوني الثنائي (لثقبين أسودين)، وتأثر الجاذبية القوي الذي يرسل تموجات تضعف مع اقتراب الثقبين الأسودين من بعضهما بقوّة.

يقول عالم الفلك من المعهد الوطني للفيزياء النووية في إيطاليا أليساندرو ناجار: «إن شكل الإشارة المرتبطة بالحدث وقصر مدتها (أقل من عُشر ثانية)، يقودنا إلى افتراض حدوث اندماج فوري دون مرحلة الدوران الحلزوني كما العادة بين الثقبين الأسودين».

توجد أكثر من طريقة للحصول على زوج من الثقوب السوداء المتفاعلان جاذبيًا مع بعضهما البعض.

الأولى هي أن الثقبين كانا معًا لفترة طويلة، ربما حتى من فترة ولادة النجوم الصغيرة من نفس السحابة الجزيئية في الفضاء.

والأخرى عندما يقترب جسمان يتحركان عبر الفضاء من بعضهما بما يكفي لعرقلة جاذبية بعضهما ويُعرف هذا الحدث باللقاء الديناميكي.

وللتأكد من أن هذا ما حدث في حالة GW190521، صممت جامبا وزملاؤها محاكاة لاختبار هذه الفرضية، ودمجوا أزواجًا من الثقوب السوداء مع بعضها وعدّلوا المعاملات الخاصة بالمحاكاة (كالمسار، والدوران، والكتلة) لمحاولة إعادة إنتاج إشارة موجات الجاذبية الغريبة التي اكتُشفت في 2019.

تشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن الثقبين الأسودين لم يبدآ في شكل ثنائي، ولكن علق كل منهما في حقل جاذبية الآخر، وكانا يتأرجحان بمحاذاة بعضهما مرتين على شكل حلقة غريبة الشكل قبل أن يتصادما معًا لتشكيل ثقب أسود أكبر، ولم يكن أي من الثقوب السوداء في هذا السيناريو يدور.

يقول عالم الفلك ماتيو بريشي من جامعة جينا :«من خلال تطوير نماذج دقيقة باستخدام مجموعة من الأساليب التحليلية الحديثة والمحاكاة العددية، وجدنا أن الدمج فسر الملاحظة تفسيرًا أفضل من أي فرضية أخرى طُرِخت سابقًا»، واحتمال الخطأ هو 1 من 4300.

يقول الفريق إن هذا السيناريو مرجح في المناطق المكتظة من الفضاء، مثل مجموعة النجوم حيث تكثر احتمالية مثل هذه التفاعلات الجاذبية.

تبع هذا التفسير الاكتشافات السابقة حول GW190521.

حيث قيست كتلة أحد الثقوب السوداء في الاندماج وتبين أنه 85 ضعف كتلة الشمس تقريبًا.

ووفقًا للنماذج الحالية، لا يمكن أن تتكون الثقوب السوداء التي تزيد كتلتها عن 65 كتلة شمسية من نجم واحد، والطريقة الوحيدة التي نعرفها أن ثقبًا أسودًا بهذه الكتلة قد يتشكل بعمليات الاندماج بين جسمين أقل كتلة.

وجد عمل جامبا وزملاؤها أن كتل الثقوب السوداء في الاصطدام تقدر بحوالي 81 و 52 كتلة شمسية، وهذا أقل قليلاً من التقديرات السابقة، لكن أحد الثقوب السوداء لم يتشكل بانهيار نواة النجم الفردي على نفسه.

مازالت الحاجة إلى تعديل النماذج غير واضحة، ولكن عمليات الدمج الهرمية -حيث تتشكل الهياكل الأكبر من خلال الدمج المستمر للأجسام الأصغر- تكون أكثر احتمالًا في بيئة عنقودية بها عدد كبير من الأجسام الكثيفة.

تعد اللقاءات الديناميكية بين الثقوب السوداء نادرة جدًا، ويبدو أن بيانات موجات الجاذبية التي جمعها LIGO و Virgo حتى الآن تدعم الأمر، لكن الندرة لا تعني المستحيل، ويشير العمل الجديد إلى أن GW190521 قد يكون الأول في الاكتشاف وقد يكون هناك المزيد في السنوات المقبلة.

يجري حاليًا تحديث المراصد الخاصة بموجات الجاذبية وصيانتها، لكنها ستعاود العمل في مارس 2023 لإجراء عملية مراقبة جديدة، وهذه المرة ستنضم KAGRA في اليابان إلى مرصد LIGO في الولايات المتحدة ومرصد Virgo في إيطاليا للحصول على قوة مراقبة أكبر.

ومن المتوقع اكتشاف اندماج جديد قريب من أمثال GW190521، وسيكون هذا الاكتشاف المنتظر مذهلاً أيضاً.

المصدر: أنا أصدق العلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى