خلال السنوات القليلة الماضية تمكنت شركتان تركيتان هما “بايكار” المصنعة لمسيّرات “بيرقدار” الشهيرة، و”إير كار” الناشئة، من إكمال اختبارات التحليق بنجاح لنماذجهما الطائرة “جزري” و”إير كار” على التوالي، وهما النموذجان اللذان ستدخل تركيا بهما مجال السيارات الطائرة من أوسع أبوابه، لا سيما بعد أن أصبح التنقل الجوي المستدام أكثر جاذبية من أي وقت مضى.
وبالتوازي مع عمل تركيا لتحقيق حلمها البالغ من العمر 61 عاماً لإنتاج سيارة وطنية بإمكانيات محلية عبر سيارتها الكهربائية “توغ” سبرت شركات تركية رائدة مجال السيارات الطائرة من أوسع أبوابه للمنافسة في هذا القطاع الجديد الذي يتوقع الخبراء أن يدر عوائد بمليارات الدولارات مستقبلاً تزامناً مع تحول البشرية نحو السيارات الطائرة بدلاً من السيارات التقليدية.
وكما اختارت تركيا أن تكون سيارتها كهربائية 100% استكمالاً لخطتها الرامية للتخفيف من فاتورة الطاقة الأحفورية وتأكيد ضرورة التحول نحو الطاقة النظيفة في إطار مكافحة تغير المناخ على المستوى العالمي، صبت شركات تركية خاصة بدعم من وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية جل جهودها وخبراتها على وضع الأسس الصحيحة والواقعية لإطلاق سيارات طائرة تنافس على المستوى العالمي.
السيارة التركية الطائرة “جزري”
السيارة التركية الطائرة من طراز “جزري” صناعة شركة “بايكار”
(AA)
وأعلنت شركة “بيكار” التركية المختصة بالصناعات الدفاعية في سبتمبر/أيلول 2020 نجاح اختبارات التحليق الأولية لسيارتهم الطائرة “جزري” التي بدأ العمل عليها بتصميم تصوري عام 2019 انتهى بتنفيذ أول تحليق لها بعد سنة ونصف، إذ قالت الشركة في بيان عقب الاختبارات إن “النموذج الأولي للسيارة الطائرة البالغ وزنه 230 كيلوجراماً، حلّق بارتفاع 10 أمتار في أثناء الاختبارات”.
وغرّد سلجوق بيرقدار المدير التقني لشركة “بايكار” التركية، على تويتر: “مستقبل تركيا”. ومرفقاً فيديو لأول اختبار تحليق للسيارة التركية الطائرة، أفاد بيرقدار بأنهم يعتزمون صنع نماذج أولية أكثر تطوراً خلال الفترة المقبلة، وتنفيذ رحلات مأهولة، وأضاف: “سيستغرق الأمر نحو 10-15 سنة حتى تهبط السيارة الطائرة “جزري” في الطرقات، وقد نشهد خلال 3 أو 4 سنوات استخداماً ترفيهياً لها في المناطق الريفية”.
وتكتسب السيارة الطائرة اسمها من العالم المسلم مؤسس علم التحكم الآلي بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري، المولود عام 1136 في بلدة جيزرة (Cizre) التي تتبع اليوم مدينة شرناق جنوب شرقي تركيا، والذي عمل رئيساً للمهندسين في ديار بكر، إذ برع في تصميم وتنفيذ آلات كثيرة لم تكن معروفة من قبل، منها: آلات رفع الماء، وساعات مائية ذات نظام تنبيه ذاتي، وصمامات تحويل وأنظمة تحكم ذاتي وكثير غيرها.
السيارة التركية الطائرة” “إير كار”
السيارة التركية الطائرة” “إير كار”
(Others)
تأسست شركة “إير كار” (AirCar) في سبتمبر/أيلول 2017 في الولايات المتحدة من قبل فريق المهندسين الأتراك الذي بدأ على المفهوم واستكشاف التقنيات الرائدة مثل بطاريات الليثيوم أيون والذكاء الاصطناعي والمحركات الكهربائية وغيرها من الأمور.
وفي 2019 افتتحت الشركة مكتباً في إسطنبول لبدء استكشاف تقنيات الطيران المستقلة بناءً على الذكاء الاصطناعي وإنشاء نماذج محاكاة للنموذج “إير كار”. وبفضل الدعم المالي والتقني السخي الذي تقدمه الحكومة التركية قررت الشركة فتح مكتبها الرئيسي في تركيا والعمل على نموذجها ضمن بنية وادي التكنولوجيا التركي.
وبعد أكثر من ألف رحلة تجريبية ناجحة مع طائرات ذات نطاق فرعي وكامل النطاق، وتسجيل براءات اختراع في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بدأت الشركة تصميم نماذج أولية لطائرات الشحن واعتمادها في 2023، وبدء العمليات التجارية في 2024. ووضعت أيضاً خطة لبدء إنتاج سيارة “إير كار” الخاصة بالركاب والحصول على الشهادة بحلول عام 2026 وبدء العمليات التجارية بعد ذلك.
وصُممت “إير كار” لتصل إلى مدى ما بين 50-80 كم بسرعة قصوى تصل إلى 130 كم/ساعة، وبإمكانها الوصول إلى ارتفاع 3 آلاف كم. النموذج الأولي بحجم 160 سم × 160 سم × 130 سم بإمكانه استيعاب جلوس شخصين بحمولة 220 كغم.
تركيا تنافس عالمياً
بالتزامن مع التقدم الذي شهدته تركيا في الصناعات الدفاعية وصناعة الطائرات المسيّرة التي تفوقت على المستويين الإقليمي والدولي، وخبراتها التي تزيد يوماً بعد يوم في تكنولوجيا الطيران والفضاء، تسعى أنقرة جاهدة لحجز مقعد متقدم في صف الدول التي تعمل على تصنيع تكنولوجيا السيارات الطائرة، من خلال الدعم المالي والتقني الذي تقدّمه للشباب الأتراك والشركات الناشئة المهتمه بهذه التقنية، من أجل تشجيعهم على إخراج منتجات متطورة لها القدرة على المنافسة عالمياً.
ومع تدشين خط الإنتاج الخاص بالسيارة الكهربائية التركية “توغ” تزامناً الذكرى السنوية الـ99 لتأسيس الجمهورية التركية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والطفرة التي تشهدها صناعة الطائرات المسيَّرة مؤخراً، زادت آمال أنقرة في اللحاق بركب صناعة السيارات الطائرة، وعقدت العزم على الريادة في تكنولوجيا النقل المستقبلية، ومنافسة الدول التي تعمل على تصنيع السيارات الطائرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
وفي أثناء مشاركته في مهرجان “تكنوفيست” في مدينة غازي عنتاب عام 2020 قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن تركيا ستحقق النجاح في مجال السيارات والسيارات الطائرة على غرار نجاحاتها في صناعة الطائرات المسيَّرة، وأشار خلال كلمته إلى أن “تركيا تبوأت مكانة بين الدول القليلة في العالم على صعيد الطائرات المسيرة، ونؤمن بأننا سنحقق النجاح ذاته في مجال السيارات والسيارات الطائرة”، ولفت إلى أن حكومته تعمل بكامل طاقتها من أجل الارتقاء بتركيا إلى أهدافها لعام 2023، معرباً عن ثقته بأن شباب المستقبل سيواصلون السير في طريق ازدهار البلاد وتحقيق رؤيتَي 2053 و2071.
المصدر: TRT عربي