مع ظهور أطول توربين رياح خشبي في العالم، تخطو صناعة الرياح العالمية خطوة تطويرية جديدة في ظل الآمال المعقودة على التوربين الجديد في تسريع جهود الحياد الكربوني عبر تعزيز كفاءة خفض الانبعاثات.
ويُعوّل على هذا التوربين في أن يُسهم بإزالة العراقيل اللوجستية المقترنة بقطاع الرياح العالمي، مثل صعوبة بناء ونقل وتركيب التوربينات الفولاذية والمكونات المرتبطة بها، ومن ثم ازدهار تلك الصناعة النظيفة، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وبينما يُعدّ اقترابًا من هذا الهدف، دخل أطول توربين رياح خشبي في العالم الخدمة رسميًا، لـ”يرسم مستقبلًا جديدًا للطاقة المتجددة”، وفق ما قالته عنه شركة موديفون (MODVION) السويدية الناشئة التي صنعته.
مواصفات أطول توربين رياح خشبي
قال الرئيس التنفيذي لشركة موديفون، أوتو لوندمان، إن أطول توربين رياح خشبي في العالم مزوّد “بإمكانات هائلة”، وفق ما ورد في بيان منشور بالموقع الرسمي للشركة.
وتلامس سعة التوربين 2 ميغاواط، ويصل ارتفاعه إلى 150 مترًا (492 قدمًا)، وقد بدأ للتوّ في توليد الكهرباء لصالح الشبكة السويدية، وهي تكفي لتشغيل قرابة 400 منزل.
التوربينات الفولاذية
استُعمل الصلب ليكون المادة الرئيسة في تصنيع توربينات الرياح، وهو ما ينطبق كذلك على كل أبراج التوربينات –تقريبًا- في العالم.
وبينما بساعد الصلب القوي على إتاحة إنشاء توربينات ومزارع رياح ضخمة برية وبحرية، تبرز هناك قيود عديدة تتعلق باستعمال تلك المادة، لا سيما في مشروعات الرياح البرية.
فمع تنامي الطلب على التوربينات الطولة التي تلتقط الرياح القوية وتعمل بمولدات كبيرة، كان من الضروري كذلك زيادة قُطر الأبراج الفولاذية الأسطوانية لدعم التوربينات في أداء مهمتها الرئيسة.
لكن، ومع انتشار الأنفاق والجسور والطرق الدائرية، يرى الكثيرون في صناعة الرياح أن نقل تلك الهياكل المعدنية الضخمة إلى مواقع التوربينات أصبح صداعًا مزمنًا، وهو ما يفرض ضرورة لتصنيع توربينات فولاذية جديدة ذات أطوال أقلّ.
مهندسون يعملون على بناء أطول توربين رياح خشبي في العالم – الصورة من الموقع الرسمي للشركة
توربين خشبي
لا تبدو هناك فوارق كثيرة واضحة في الشكل الخارجي بين التوربينات الخشبية ونظائرها من التوربينات الفولاذية الشائعة، من حيث اشتراكهما في طلاء أبيض سميك يحميهما من المكونات والعناصر المصنوعة –أساسًا- من الألياف الزجاجية المتصلة بالمولّد، عند الدوران.
لكن المكونات الداخلية هي ما تسلّط الضوء على الفوارق بين كلا النوعين من التوربينات؛ إذ تتمايز الجدران في أطول توربين رياح خشبي في العالم بتشطيبات خشبية منحنية الشكل تختلف تمامًا عن جهاز الساونا.
ويستمد برج التوربين الذي يلامس طوله 105 أمتار (345 قدمًا) قوّته من 144 طبقة من الخشب الرقائقي المصنّعة منه جدرانه السميكة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصص
وفي هذا الصدد، قالت الشركة المصنّعة لأطول توربين رياح خشبي في العالم، إنها نجحت بالتحكم في قوة ومرونة كل من تلك الطبقات التي لا يتجاوز سمك كل منها 3 مليمترات، عبر تغيير حبيباتها.
وصفة سرية
قال المؤسس المشارك لشركة موديفون ديفيد أوليفغرن: “إنها وصفتنا السرّية التي لا يعلمها أحد سوانا”، في إشارة منه إلى الكيفية التي صُنع بها التوربين.
وفي مصنع الشركة الكائن على أطراف مدينة غوتنبرج غرب السويد، تُلصَق طبقات الخشب الرفيعة وضغطها معًا لتصنيع المقاطع المنحنية، قبل أن تؤخذ تلك القطع الخشبية إلى موقع التركيب والبناء؛ إذ تُلصَق معًا في أسطوانات، ثم تُكّدَّس فوق بعضها لصناعة البرج.
وفي هذا الخصوص قال أوليفغرن: “الخشب والمادة اللاصقة هما مزيج رائع، وقد علمنا هذا منذ مئات السنين”، مضيفًا: “ونظرًا لأن استعمال الخشب أخفّ من الصلب، يكون بمقدورك بناء توربينات أطول، بمواد خام أقلّ”.
وأشار إلى أنه عبر استعمال الخشب والمادة اللاصقة، يمكن بناء الأبراج في وحدات صغيرة يمكن نقلها بكل سلاسة، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن شأن هذا أن يجعل بناء التوربينات الطويلة، ونقلها إلى المواقع الصعبة، مهمة غاية في السهولة.
وسيُرَكَّب توربين سعة 2 ميغاواط على البرج الخشبي، الذي أنتجته عملاقة صناعة توربينات الرياح الدنماركية فيستاس (Vestas)، التي تمتلك -أيضًا- حصة من الأسهم في مودفيون منذ عام 2021.
خفض الانبعاثات
نظرًا لأن برج التوربين هو ذلك المكون الذي تنطلق منه معظم الانبعاثات الكربونية، فإن التحول إلى الأبراج الخشبية، يقلّص معه تلك الانبعاثات بمعدلات كبيرة خلال عملية التصنيع، في حين تخزّن المادة نفسها الكربون.
ولعل هذا ما يجعل البرج الخشبي مادة حيادية الكربون، إذ تخزّن كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون بأكثر مما تطلقه خلال مرحلة الإنتاج.
يُذكر أن الخشب الرقائقي الذي تُصنع منه الوحدات يتّسم بنسبة قوة إلى وزن تفوق أنواع الفولاذ المستعمل في أبراج توربينات الرياح التقليدية؛ مما يتيح أبراجًا أخفّ وزنًا.