لعل أكثر المواضيع انتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، في الآونة الأخيرة هو موضوع الزلازل.
لكن ما لا يعلمه الكثير، أن الزلازل والهزات الأرضية الشديدة ليست بالأمر الجديد في المنطقة.
قال الصحافي ريحان الدين في مقال على موقع «ميدل إيست آي»: ” إن زلزالًا بقوة 7.8 درجات ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا يوم الاثنين، 6 فبراير ، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 2300 شخص وإصابة الآلاف.
وأوضح ريحان أن الشرق الأوسط عانى من عدد كبير من الزلازل على مر القرون، من بينها بعض أسوأ الحوادث المسجلة في التاريخ.
وضرب زلزال يوم الاثنين محافظة هاتاي التركية، وكذلك محافظات شمال غرب سوريا، وهي مناطق تعرضت سابقًا لاثنين من أكثر الزلازل دموية في العالم.
كما تعرضت إيران وفلسطين ومصر للدمار بسبب الزلازل، مما أدى إلى تدمير المباني التاريخية ومقتل عشرات الآلاف.
وفيما يلي المزيد من المعلومات حول خمسة من أهم الزلازل التي شهدتها المنطقة على مدار ألفي عام الماضية:
زلزال حلب عام 1138 ميلاديًّا
يصف ريحان بدايةً الزلزال الذي ضرب مدينة حلب في 11 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1138، كأحد أسوأ الزلازل في التاريخ. ويُعتقد أن الكارثة قد تسببت في مقتل نحو 230 ألف شخص، وفقًا لابن تغري المؤرخ المصري الإسلامي في القرن الخامس عشر.
حينها، وقع الزلزال في منطقة شمال سوريا تقع بين الصفائح التكتونية المعمارية العربية والأفريقية، وانهارت قلعة حلب بالكامل، في حين دُمِّر حصن مسلم في الأتارب (الآن جزء من محافظة حلب الحديثة)، مما أسفر عن مقتل 600 من حراس المدينة.
وفي ذلك الوقت، تعرضت حلب لاضطرابات بسبب المعارك بين المسلمين والصليبيين، وسويت بالأرض القلعة الصليبية في مدينة حارم المجاورة، التي تقع اليوم في محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة.
وكان الزلزال الضخم هو الأول من بين العديد من الزلازل التي دمرت مناطق شمال سوريا وغرب تركيا بين عامي 1138 و1139 ميلاديًّا.
زلزال دامغان في إيران عام 856 ميلاديًّا
وقع زلزال دامغان شمال إيران عام 856، وعُدَّ أحد أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ العالم. ففي 22 ديسمبر (كانون الأول) عام 856، ضرب زلزال كبير بقوة 7.9 درجات وشدة «إكس» (أقصى مستوى على مقياس شدة مركالي) في منطقة جبل البرز في إيران.
ويُعتقد أن نحو 200 ألف شخص لقوا حتفهم، على الرغم من أن الرقم محل خلاف.
وتصنفه هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية على أنه سادس أكثر الزلازل فتكًا في التاريخ المسجل.
دمرت مدينة دامغان بشكل كبير، بالإضافة إلى العديد من المناطق المحيطة بها.
وكانت دامغان عاصمة مقاطعة قميس الفارسية في العصور الوسطى حتى دمرت عام 1723.
تقع إيران بين الحاضرتين العربية والأوراسية اللتين تتصادمان تصادمًا متكررًا مسببة زلازل مدمرة.
زلزال أنطاكية عام 526 ميلاديًّا
يشير ريحان الدين إلى الزلزال الذي ضرب مدينة أنطاكية البيزنطية عام 526، التي تقع في مقاطعة هاتاي في تركيا الحديثة.
وكان سبب الزلزال موقع أنطاكية مباشرة على قمة تقارب ثلاث صفائح تكتونية أفريقية وعربية وأناضولية، وقد أدى التقارب نفسه إلى وقوع زلزال يوم الاثنين في مقاطعة هاتاي.
ووفقًا لبعض التقديرات قتل 250 ألفًا بسبب هذه الكارثة، ولم يكن العديد من هؤلاء القتلى نتيجة الزلزال الأولي، ولكن نتيجة سلسلة من الحرائق التي اندلعت في أعقاب الزلزال.
ووفقًا للتقديرات الحديثة، بلغت شدة الزلزال سبعة على مقياس ريختر.
وكانت دوموس أوريا، وهي كنيسة كبيرة من بين المباني البارزة التي دمرها الحريق الناتج.
ويعتقد بعض الباحثين أن عدد القتلى الهائل ربما كان بسبب استضافة أنطاكية مهرجانًا مسيحيًّا سنويًّا في «عيد الصعود»، مما جذب المسافرين من جميع أنحاء الإمبراطورية البيزنطية.
وأنفق الإمبراطور جستنيان، الذي اعتلى العرش البيزنطي بعد عام من الزلزال، مبالغ كبيرة من المال لإعادة بناء المدينة.
لكنها ذهبت أدراج الرياح، حيث نهب الفرس المدينة بعد ما يزيد قليلاً على عقد من الزمان.
زلزال وادي الأردن بفلسطين عام 1033 ميلاديًّا
دمر زلزال عام 1033 مساحات شاسعة من منطقة الشام في وادي الأردن بفلسطين.
وبلغت قوة الزلزال بين 6.7 و7.1 درجات، وفقًا لمعظم العلماء، وأودى بحياة ما لا يقل عن 70 ألف شخص.
يقول ريحان الدين إن الكارثة ارتبطت بصدع البحر الميت، حيث حدثت سلسلة من خطوط الصدع بين الصفائح التكتونية الأفريقية والعربية والتي تسببت في العديد من الزلازل في الألفين الماضيين.
دُمرت مدن نابلس، وأريحا، والخليل، وطبريا، وعسقلان، وعكا، في فلسطين التاريخية. وتعرض مسجد في غزة للدمار فيما تضررت جدران وكنائس في البلدة القديمة بالقدس.
كما دُمِّر قصر هشام، وهو موقع إسلامي رئيسي في أريحا لا يزال يزار حتى يومنا هذا.
كما أُبلغ عن أضرار في أجزاء من سوريا ومصر.
ووفقًا للسجلات التاريخية، فقد اتبع الدمار نمطًا مشابهًا لزلزال في الجليل عام 749، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف.
زلزال القاهرة عام 1754 ميلاديًّا
ويذكر ريحان الدين أنَّ عشرات الآلاف من الأشخاص قتلوا في زلزال مدمر في القاهرة عام 1754، يُعتقد أن الزلزال، الذي قُدرت قوته 6.6 درجات، أدى إلى مقتل 40 ألف شخص في المدينة التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية آنذاك.
وانهار عدد كبير من المباني في القاهرة، مما أدى إلى مقتل العديد من السكان.
دُمرت أجزاء من مدينة الموتى، وهي منطقة مقابر تعود للعصر الإسلامي في القاهرة.
ويختم ريحان الدين بأنَّه حينها تضرر دير سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء، الذي أصبح الآن أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وأُصلح لاحقًا.
لم تقتصر الخسائر على البشر فقط، بل شملت العديد من المباني الحديثة وكذلك الصروح التاريخية العريقة في عدة مناطق.