تعد الآثار مرآة تعكس أصالة الحضارات السابقة التي توالت على البلاد، وقامت بصنع تاريخها المرموق.
وعادة ما يتم العثور عليها بعد عمليات كبيرة ومجهدة من البحث والتنقيب، أو تُكتشَف عن طريق الصدفة.
كما حدث بالقرب من سيمفيروبول، حيث تم اكتشاف مقبرة لـ”السكيثيون”، في تلٍّ يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
حيث وجدوا عدداً كبيراً من القطع الأثرية، تحتوي على حلىً ذهبية لنبلاء “السكيثيين”.
جاء ذلك في بيان صحفي أصدره معهد الآثار التابع لأكاديمية العلوم الروسية.
وقالت الباحثة بمعهد الآثار، إرينا روكافيشنيكوفا: ”لقد تمكّنا من اكتشاف مجمع أثري لم يتعرض لأي تأثير خارجي، وهو أمر نادر بالنسبة لتلال “السكيثيين” التي سُرق معظم محتوياتها في العصور القديمة والحديثة”.
وتشير الهندسة المعمارية المعقدة للاكتشافات المذهلة إلى قبر لعائلة نبيل من شعب السكيثيين.
يذكر أن الحفريات بدأت في المنطقة الربيع الجاري بأمر من رئيس إحدى الشركات المسؤولة عن شق طريق بمحاذاة مدينة سيمفيروبول في قسمه الذي يربط بلدة (دونسكوي) بقرية (بيريفالنوي).
وخلال هذه الحفريات، اكتشف العلماء الكثير من القطع الأثرية السكيثية من العصور الإغريقية القديمة، واكتشفوا أيضاً آثاراً لجدار حجري محاط بالتل في الماضي البعيد.
واكتشف العلماء سرداباً محفوظاً تماماً، درسوا داخله العديد من التفاصيل غير المعروفة عن كيفية بناء السكيثيين القدماء لمقابر نبلائهم.
واكتشف علماء الآثار كذلك مقبرة جماعية، حيث تم دفن 6 أشخاص في أوقات مختلفة.
تم تزيين بعض جثث السكيثيين المتوفين بالمجوهرات الذهبية، بما في ذلك الرقع التي عليها صور الغريفون (الحيوانات الأسطورية) ، بالإضافة إلى الأقراط الذهبية وغيرها من الحلى التي يُفترض أنها كانت مرتبطة بملابس النبلاء.
وعلاوة على ذلك، وجد العلماء في القبو عدداً كبيراً من رؤوس الأسهم البرونزية، وجزءاً من رمح حديدي.
وقالت إرينا روكافيشنيكوفا إن عدداً كبيراً من الحلى والمجوهرات، سمح للعلماء الروس بإعادة بناء شكل زي النبلاء الذين عاشوا في سفوح الجبال بشبه جزيرة القرم في العصور القديمة.
من هم االسكوثيون؟
السكوثيون أو الإصقوث (من اليونانية: Σκυθία) هم شعب بدوي متنقل ينحدر من أصول إيرانية وهم من مملكة سيثيا (سكيثيا) ، حل محل السيريين الذي كانوا قد جاؤوا من سهول روسيا.
وقد نزح السكوثيون من سهول أوراسيا إلى جنوبي روسيا في القرن 8 ق.م، واستقروا بغرب نهر الفولجا شمال البحر الأسود حيث كانوا على صلة بالمستعمرات الإغريقية حول البحر الأسود.
تعرف اليوم بشبه جزيرة القرم (أوكرانيا).
تمكن السكوثيون من تأسيس إمبراطورية غنية وقوية استمرت لقرون عديدة قبل أن يخضعوا للسارماتيين بين القرنين الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي.
معظم ما نعرفه اليوم عن تاريخ السكوثيين يأتي من الروايات التي دونها المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس، والذي كان قد زار بلادهم.
وقد نشرت تلك السجلات بعد دراستها من قبل علماء الأنتروبولوجيا (علم الإنسان) الروس.
كما كتب عنهم أيضاً المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس ووصفهم بأنهم شعب ماجوج.
كان السكوثيين يثيرون إعجاب وخوف جيرانهم لخفة حركتهم، ولبسالتهم في الحروب والمعارك، خصوصاً لمهارتهم بالفروسية حيث كانوا من أوائل الشعوب الذين تفننوا بركوب الخيل.
ينمّ اسم السكوثيين عن أصالتهم، وتاريخهم العريق الذي يبعث على الفخر والاعتزاز بهم وبإنجازاتهم.