منوعات

متى ستتمكن حضارة فضائية من كوكب آخر من معرفة ما إذا كان كوكبنا يحتوي على أي نوع من الحياة؟

متى ستتمكن حضارة فضائية من كوكب آخر من معرفة ما إذا كان كوكبنا يحتوي على أي نوع من الحياة؟

كيف ستظهر الأرض لعلماء الفلك الفضائيين؟ ما الذي ستخبرهم به ملاحظاتهم عن الأرض إذا ما بحثوا في السماء عن علامات تدل على وجود كائنات أخرى مثلما نفعل نحن؟

إنها تجربة فكرية ممتعة.

هذه التجربة لا تتضمن المتعة فقط، إنها مفيدة علميًا، فمن الأسهل دراسة كوكبنا وكيف يظهر من السماء، ومن ثم استقراء هذه النتائج لمعرفة إلى أين قد تصل بنا.

أظهرت دراسة جديدة أن العثور على دليل على وجود الحياة على الأرض قد يعتمد على الموسم الذي يقوم به علماء الفلك الفضائيون برصدنا.

حتى الآن، لدينا فقط لمحات وتلميحات عن الكواكب الخارجية التي قد تكون قابلة للحياة، وما زال لدينا طريق طويل لنقطعه. يتطلب الأمر الكثير من العلم والتفكير المبتكر قبل أن نصل إلى قناعة كون كوكبٍ بعيدٍ ما صالحًا للسكن.

قد تكون هذه الدراسة الجديدة خطوة في طريق الوصول إلى هذه النقطة من خلال فحص المظهر الخارجي للأرض خلال المواسم المختلفة.

الدراسة بعنوان «الأرض ككوكب خارج المجموعة الشمسية. الانبعاث الحراري المتغير زمنياً للأرض والدلالات الموسمية الجوية للمؤشرات الحيوية».

هذه الدراسة متاحة على الموقع arXiv.org الذي يتيح قراءة الأوراق العلمية قبل نشرها، والمؤلف الرئيسي هو جان نويل ميتلر، طالب دكتوراه في قسم الفيزياء في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، ومتخصص في دراسة الكواكب الخارجية وقابليتها للسكن.

تعود الجذور التاريخية لهذا النوع من الأبحاث إلى سبعينيات القرن العشرين عندما بدأت المركبات الفضائية بزيارة عدد من الكواكب الشبيهة بالأرض في نظامنا الشمسي، إذ وصلت الرحلات بايونير 10 و 11 إلى المشتري وزحل وكذلك الرحلات فوياجر 1 و 2، إلى المشتري وزحل وأورانوس ونبتون.

شكل الأمر بداية توصيفٍ أكثر تعمقًا للكواكب الأخرى، بقياس الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، وتعلّم العلماء الكثير عن خصائص الغلاف الجوي للكواكب والأسطح وتوازن الطاقة الكلي.

نعيش اليوم في عصر علوم الكواكب الخارجية، وبتنا نمتلك الكثير من الملاحظات حتى فيما يتعلق بالكواكب التي تبعد عنا سنوات ضوئية. هذا التنوع المذهل للكواكب التي اكتشفناها مثير للاهتمام في حد ذاته، ولكن يبقى السؤال الجوهري في علم الكواكب الخارجية، هل هذه الكواكب أو بعض منها قابل للسكن؟

نريد أن نعرف ما إذا كان أي شيء آخر يعيش في مكان ما هناك.

مع تقدم العلم، يستخدم العلماء الآن أدوات أكثر قوة لدراسة الكواكب البعيدة. من المحتمل أن تقوم حضارة تكنولوجية في مكان آخر من درب التبانة بفعل الشيء نفسه.

تبحث هذه الدراسة في طيف انبعاث الأشعة تحت الحمراء للأرض، وكيف ستختلف تلك الأطياف بحسب تقنيات المراقبة المختلفة، وكيف ستكون هذه الملاحظات بالنسبة لمراقب بعيد جدًا.

قيّم الباحثون أيضًا كيفية تأثير الفصول المتغيرة على الأطياف: «لقد تعلمنا أن هناك تباينًا موسميًا كبيرًا في طيف الانبعاث الحراري للأرض، وأن قوة السمات الطيفية للمؤشرات الحيوية، مثل أكسيد النتروز N2O والميثان CH4 والأوزون O3 وثاني أكسيد الكربون CO2، تعتمد بشكل كبير على كل من طريقة المراقبة والموسم».

بحثت الدراسة في أربعة أشكال هندسية مختلفة للرصد والمراقبة: واحدة تركّز على القطبين الشمالي والجنوبي، وواحدة على خط الاستواء الأفريقي، وواحدة على خط استواء المحيط الهادئ، ولُوحظت الأطياف باستخدام مسبار الغلاف الجوي بالأشعة تحت الحمراء من على متن القمر الصناعي أكوا التابع لناسا.

وجد الباحثون غياب عينة تمثيلية واحدة من طيف الانبعاثات الحرارية للأرض، فالتغييرات الموسمية تجعل ذلك مستحيلاً. بدلاً من ذلك، تذكر الورقة: «هناك تغيّر موسمي كبير في طيف الانبعاث الحراري للأرض، وتعتمد قوة وخصائص امتصاص البصمة الحيوية كثيرًا على كل من الموسم وهندسة الرصد».

وجد الباحثون أيضًا أن الانبعاثات الحرارية تتفاوت كثيرًا باختلاف هندسة الرصد. فالتباين في القراءات أكبر بمرور الوقت فوق كتل اليابسة منه فوق المحيطات.

المنطقة الاستوائية الأفريقية ومنطقة القطب الشمالي المتمركزتين على كتل اليابسة أظهرتا تباينًا أكبر.

خلصت الورقة إلى: «على وجه التحديد، أظهر القطب الشمالي والمنطقة الاستوائية في إفريقيا متغيرات سنوية تبلغ 33% و 22% عند ذروة طول موجة الأرض (10.2 ميكرومتر)، على التوالي».

لكن الاستقرار الحراري للمحيطات كان يعني تقلبًا أقل. «من ناحية أخرى، يُظهر مشهد الأشكال الهندسية ذات الجزء البحري المرتفع، مثل القطب الجنوبي لنصف الكرة الجنوبي ومنطقة الاستواء المتمركزة حول المحيط الهادئ، متغيرات سنوية أصغر بسبب القصور الذاتي الحراري الكبير للمحيطات».

الاستنتاج العام من هذا البحث هو أن كوكبًا حيًا وديناميكيًا مثل الأرض لا يمكن تمييزه بطيف واحد للانبعاثات الحرارية، فهناك الكثير مما يجري هنا على الأرض، وهذه الدراسة لم تتعمق حتى في الغيوم وتأثيرها.

كتب المؤلفون: «العمل المستقبلي هو البحث في كيفية تأثير الانكسار السحابي، الموسمية السحابية، وخصائص المرحلة الديناميكية الحرارية على اكتشاف نتائج موسمية الغلاف الجوي».

يقول المؤلفون إن بعض الاختلافات طفيفة وسيكون من الصعب حلها عند مراقبة الكواكب البعيدة، فالبيانات الغير مهمة يمكن أن تحجبها: «حتى بالنسبة للأرض وخاصةً بالنسبة للمناطق الاستوائية، فإن الاختلافات في التدفق وقوة الامتصاص وخصائصه في البيانات تكون صغيرة وعادة نحو 10%. سيكون التحدي الأكبر هو فصل هذه الاختلافات عن الضوضاء في عمليات رصد الكواكب الخارجية المستقبلية».

تعقيد الأرض يجعل هذا النوع من المراقبة هدفًا صعبًا، ويقر المؤلفون بذلك، ويوضحون أن هذا التعقيد يجعل التوصيف عن بعد لبيئات الكواكب أمرًا صعبًا للغاية.

باستخدام الأرض كقاعدة اختبار، تعلّمنا أن الكوكب وخصائصه لا يمكن وصفها من خلال طيف انبعاث حراري واحد، ولا بد من إجراء قياسات متعددة المواسم، ويُفضل أن تشمل كذلك الضوء المنعكس والانبعاث الحراري».

تعتمد معظم اكتشافاتنا للكواكب الخارجية على عدد قليل من عمليات العبور لتلك الكواكب أمام نجومها، ولكن هذا العبور له حدوده.

يهدف تلسكوب جيمس ويب الفضائي إلى دراسة أطياف بعض الكواكب الخارجية بقوة أكبر، لذلك نقترب من اليوم الذي قد نصل فيه إلى فهم أفضل لما نراه.

اختبرت هذه الدراسة طريقة جديدة لرصد الكواكب الخارجية بالأشعة تحت الحمراء بدلاً من الضوء المنعكس. على الرغم من وجود تباين موسمي وتباين الهندسي في الرصد، نجد أن نتيجتنا غير حساسة نسبيًا للتأثيرات اليومية أو الموسمية، على العكس من قياساتنا للضوء المنعكس.

يعتقد ميتلر وزملاؤه أن طريقتهم يمكن أن تساهم في الوصول إلى بيانات فريدة في ملاحظات الكواكب الخارجية في الضوء المنعكس، يقول: «لذلك، نستنتج أن مراقبة الكواكب الخارجية بواسطة الانبعاثات الحرارية يمكن أن توفر معلومات فريدة ومكمّلة وضرورية لتوصيف الكواكب حول النجوم الأخرى».

المصدر: أنا أصدق العلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى