منوعات

قصة الرجل الذي اشترى جزيرة مانهاتن من الهنود مقابل بضعة أرغف من الخبز

قصة الرجل الذي اشترى جزيرة مانهاتن من الهنود مقابل بضعة أرغف من الخبز

تم شراء جزيرة مانهاتن من قبيلة لينابي مقابل ثمن زهيد، وقد جلس الحاكم الهولندي في ذلك الوقت بيتر مينويت أمام ساجيس غورا، أحد زعماء قبيلة لينابي، محاطًا بمحاربيه، ولم ينطق الزعيم الهندي ولو بكلمة واحدة وظل صامتا فترة طويلة لينتهي الأمر بأحد رجاله بتسليمه أنبوبا طويلا وضعه في فمه بشكل مهيب.

ويتابع الكاتبان فريدريك لوينو وجويندولين دوس سانتوس قصة الجزيرة، في تقرير نشرته صحيفة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية حيث يقولان إن غورا ظل يستنشق الدخان فترة طويلة، ويطلقه في نفثات صغيرة، ثم يمرر الأنبوب (غليون التدخين) إلى هذا الشخص الغريب بإيماءة طوعية ليجعله يفهم أنه لا يستطيع الهروب.

وضع حاكم المستعمرة الهولندية الصغيرة هذا الأنبوب في فمه والتزم بذلك، حتى لو تسبّب الدخان في حرق رئتيه. كان الأمر بمنزلة تعذيب، وبجهد خارق تمكن من بصق الدخان من دون أن يسعل.

ووفقا للكاتبيْن؛ فقد طالب ساجيس غورا بنحو 1200 جيلدر للتنازل عن الجزيرة، فهذا هو المبلغ الذي التزم به سلفه لبيتر مينويت.

ولكن المشكلة هي أن مينويت لا يملك مثل هذا المبلغ، لذلك بدأ المساومة مع الزعيم الهندي الذي تخلى أخيرًا عن مانهاتن مقابل حفنة من العملات الذهبية الإسبانية، ومعاول للعمل في التربة، ومخارز، وفؤوس، وخرز وأقمشة وحتى قيثارات موسيقية، وكانت كلها بقيمة 60 جيلدرا، وهو مبلغ يعدّ زهيدا جدا لا يشتري بضعة أرغفة خبز.

وانسحب الرجلان راضيين عن الصفقة؛ فقد كان مينويت راضيًا لأنه مقتنع بخداع محاوره؛ أما ساجيس غورا فلأنه باع أرضًا ليست تابعة لقبيلته، بل لأراضي مانهاتن!

7246 جلدا من جلود قندس السمور

يشير الكاتبان إلى أنه على مر القرون أضاف كل الرواة بعض إضافات قليلة إلى هذه القصة، فالوثيقة الأصلية الوحيدة التي تشير إلى هذه الصفقة العقارية هي رسالة بتاريخ الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1626 موجهة من التاجر بيتر شاجن إلى شركة الهند الغربية الهولندية قائلا “لقد اشتروا جزيرة مانهاتن من الهنود مقابل مبلغ 60 فلورينا.

عند العبور؛ يشار إلى أن السفينة جلبت نحو 7246 جلدا من جلود السمور و678 جلدا من جلود القضاعة و48 جلد منك… بالإضافة إلى خشب البلوط وخشب الجوز الأميركي”.

الملاح جيوفاني دي فيرازانو هو أول أوروبي يستكشف منطقة مانهاتن وكانت وقتئذ ممتلئة بالقنادس التي يطلب فراؤها بشدة في أوروبا (غيتي)

وأوضح الكاتبان أنه في عام 1524 كان الملاح جيوفاني دي فيرازانو أول أوروبي يستكشف هذه المنطقة، وبعد قرن تقريبًا؛ في عام 1609 قام القبطان هنري هدسون الذي كان في خدمة الجمهورية الهولندية باستكشاف المنطقة بحثًا عن ممر شمالي غربي لم يكن موجودا، وعند عودته إلى أمستردام قال إن هذه المنطقة مملوءة بالقنادس التي يُطلب فراؤها بشدة في أوروبا.

ونتيجة لذلك، وصلت بعثات هولندية إلى خليج هدسون لشراء الجلود من الهنود، وتم تركيب عداد دائم متواضع على هذه القطعة من الأرض المسماة نيو نذرلاند. وفي الثالث من يونيو/حزيران 1621 أسس العديد من التجار الهولنديين شركة الهند الغربية الهولندية.

صيد محروس

يواصل الكاتبان سرد القصة؛ حيث أفادا بأن الشركة لكونها قوية من حيث الأقدمية فقد دعت جميع صغار التجار الأجانب إلى المغادرة وقامت بدءا من 1624 بإنشاء مستعمرات هولندية.

ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع مئات الصيادين والتجار من جميع الجنسيات من الهروب للاستفادة من ثروات البلاد. ولمواجهة هذا الغزو، جمعت الشركة الهولندية مستعمريها في جزيرة مانهاتن، حيث أنشأت حصن أمستردام، وفي ذلك الوقت تم تعيين بيتر مينويت حاكما، وقد كان عمره 45 سنة، واشتهر بأنه رجل نزيه ودبلوماسي ماهر.

ويوضح الكاتبان أنه بعد تعيين مينويت غادر هولندا مع سفينتين محملتين بالمهاجرين وماشيتهم، فقد تلقى تعليمات لتحسين العلاقات بين المستعمرين والهنود، التي توترت في الأشهر القليلة الماضية في ذلك الوقت.

وفي أبريل/نيسان 1626، بعد 3 أشهر من الإبحار، رست السفن أخيرًا في خليج نيويورك. وبالكاد كان لدى المستعمرين الوقت للاستقرار عندما جاء وفد هندي ليجد مينويت ليسأله عما إذا كان ينوي الاستيلاء على الأرض بالقوة أو أنه سيدفع ثمنها.

وفي النهاية، يقول الكاتبان إنه في تلك الأثناء تم التوقيع على صك البيع ودُفِعَ المبلغ في 24 مايو/أيار 1626، في حين تشير بعض المصادر الأخرى إلى أن البيع كان في شهر يوليو/تموز.

وبغض النظر عن الطريقة التي تمت بها العملية، فعلى امتداد 7 سنوات عاشت المستعمرة الصغيرة بسلام مع الهنود.

ولكن، تدريجيًّا، استقر القادمون الجدد في كل مكان، وأصبحوا يديرون أعمالهم الخاصة عن طريق كسر احتكار الشركة.

وفي عام 1632 استُدعي مينويت إلى أمستردام وفُصل من منصبه، وبعد أن شعر بالاستياء انتهى به الأمر إلى وضع نفسه في خدمة السويد لتأسيس مستعمرة عند مصب نهر ديلاوير؛ السويد الجديدة، ثم بعد 20 عامًا من ذلك الوقت غزت إنجلترا كلا المستعمرتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى