بماذا ينصح الخبراء بالاستثمار ..بعد رفع أسعار الفائدة أيهما أفضل الدولار أم العقار؟
تمثل أسعار الفائدة أحد أسلحة البنوك المركزية في كبح جماح التضخم، عبر امتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب، إلا أن رفع الولايات المتحدة لأسعار الفائدة يعني الكثير بالنسبة لاتجاه حركة رؤوس الأموال حول العالم.
ليس هذا فحسب، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تصبح تكلفة تمويل الأنشطة الاقتصادية أعلى، وتقل الجدوى الاقتصادية للعديد من المشاريع.
إذ يلجأ المستثمرون لاستثمار أموالهم في الأوعية ذات العائد الثابت والخالية من المخاطر، مع ضبابية المشهد الاقتصادي ووجود عائد أعلى من البنوك، وهو ما قد يؤثر على كافة الأنشطة الاقتصادية.
وفي أغلب الأحيان ترتفع الودائع المصرفية بصورة كبيرة مع ارتفاع أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي قد يقلل من المعروض النقدي ويقود الأسعار للهبوط مرة أخرى وبالتالي مستويات التضخم، حسب مدى سرعة الاستجابة لقرارات الفائدة.
بناءً على كل ذلك فإن الاستثمارات المتاحة في ظل سياسة عالمية تستهدف فائدة مرتفعة، ليست هي نفسها كما كانت بالماضي، وينبغي عليك في هذه المرحلة التفكير بحكمة وتأنّي لكيلا تتكبد خسائراً بالغة.
هل شراء الدولار فرصة استثمارية جيدة حالياً؟
من وجهة نظر اقتصادية فإن رفع الفائدة يعني صعوداً في قيمة الدولار على المنظور القريب، وقد تفاعل الدولار بالفعل مع هذه القرارات وصعد مؤشره إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 10 سنوات، وهو يراوغ عند ذروة 20 عاماً حالياً.
وذلك إن دل فيدل على أن الدولار الأمريكي قد وصل إلى مستويات سعرية باهظة ومبالغ بها بالفعل.
وعلى الرغم من أن نسبة رفع الفائدة لا توازي نسب التضخم التي ما زالت مرتفعة للغاية هي الأخرى، لذلك يعتبر البعض أن ارتفاع الدولار الحالي هو نتيجة فزع الأسواق والمبالغة في تقدير الوضع.
على الجانب الآخر، يعتبر محللون آخرون أن الدولار لم يتفاعل مع رفع الفائدة الحالي فحسب، بل إنه تفاعل مع قرارات الرفع المنتظرة أيضاً.
لذا فإن المستويات التي بلغها طبيعية ومتوقعة، لكنها قد تنهار في أي لحظة لو أظهر الفيدرالي الأمريكي تردداً في سياسته للتشديد النقدي.
النتيجة: مما لا يمكن إنكاره أن الدولار حالياً أفضل من أي عملة أخرى قد تحملها أو تخزنها، خصوصاً عملات الدول النامية أو الفقيرة التي ستتأثر بالدرجة الأولى أمام قوة الدولار وقرارات الفيدرالي.
لكن ذلك لا يعني أنه يجب عليك التسرع بشراء الدولار في وضعه الحالي وهو ضمن قمة تاريخية، بل ننصحك بدراسة وتحليل قرارك جيداً قبل اتخاذه.
بسبب هذا التعقيد والضبابية التي اجتاحت أسواق العملات، تبدو أسواق العقارات بالنسبة للبعض وكأنها الخيار الأفضل للهروب نحو استثمار آمن ومربح بعيداً عن تعقيدات الذهب والدولار والأسهم وما يحيط بهم من ظروف غامضة. فهل العقارات هي الخيار الأفضل فعلًا؟
إيجابيات وسلبيات الاستثمار بالعقارات بشكلٍ عام
العقارات هي استثمار نموذجي على الأجل الطويل، والمباشرة به تتطلب كمية كبيرة من المال، وكذلك عمولات عالية جداً.
وغالباً ما تأتي العائدات من الاحتفاظ بالعقار لفترة طويلة ونادراً ما يتم ذلك خلال بضع سنوات فقط. وكانت العقارات هي الاستثمار طويل الأجل المفضل للأميركيين عام 2021.
لكن حتى إذا اشتريت عقارات بكل النقود التي تمتلكها، فسيكون لديك الكثير من الأموال المقيدة في أصل واحد، ويمكن أن يؤدي عدم التنويع هذا إلى مشاكل عديدة إذا حدث شيء ما للأصل.
وإذا لم يكن لديك مستأجر للعقار، فستحتاج إلى الاستمرار في دفع الضرائب وتكاليف الصيانة الأخرى من جيبك الخاص.
ومع أن المخاطر يمكن أن تكون عالية، فإن المكافآت يمكن أن تكون عالية جداً أيضاً، وإذا كنت قد اخترت عقاراً جيداً وأدرته جيداً، فيمكنك كسب عدة أضعاف استثمارك إذا كنت على استعداد للاحتفاظ بالأصل بمرور الوقت.
ما هو مستقبل العقارات بعد قرار رفع الفائدة؟
يكتب الخبير الاقتصادي “محمد رمضان” في معرض حديثه عن هذا الموضوع:
حتى نفهم طبيعة العلاقة بين أسعار العقار وأسعار الفائدة، لابد أولاً من معرفة طبيعة العقار كأصل، فالعقار في الوضع الطبيعي يعتبر أصلاً ذا عمر افتراضي طويل جداً. اذ يمكن أن يصل العمر الافتراضي للعقار المبني القابل للاستخدام لعشرات وأحياناً مئات السنين.
وبسبب كون العقار قابلاً للاستخدام والانتفاع به أو تأجيره لفترة طويلة جداً، فإنه من المستحب ومن المنطقي بالنسبة للبعض شراء العقار المبني بتمويل كبير نسبة إلى قيمة العقار عن طريق الاقتراض لسنوات طويلة.
القروض العقارية هي قروض طويلة الأجل تصل فترة سدادها إلى 15 أو 25 أو حتى 30 سنة في العديد من دول العالم، وأقساط القروض الطويلة الأجل تتأثر كثيراً بأسعار الفائدة مقارنة بالقروض القصيرة الأجل، واجمالي الفوائد المدفوعة للقرض القصير الأجل يكون أقل بكثير من القرض الطويل الأجل.
مثلاً، اقتراض 70 ألف دولار بفترة سداد 5 سنوات وبفائدة سنوية %5 يجعل القسط الشهري 1.321 دولاراً لـ 60 شهراً بفائدة اجمالية مدفوعة تساوي 9260 دولار. بينما اقتراض 70 ألف دولار بفترة سداد 15 سنة وبفائدة سنوية %5 يجعل القسط الشهري 554 دولاراً لـ 180 شهراً بفائدة اجمالية مدفوعة 29640 دولار.
ولو ارتفعت الفائدة السنوية إلى %6 سيصبح القسط الشهري لقرض الـ 70 ألف دولار لمدة 5 سنوات هو 1353 دولاراً بالشهر واجمالي الفوائد المدفوعة هو 11180 دولاراً. أي بارتفاع بنسبة %2.4 في القسط الشهري وارتفاع بنسبة %21 بإجمالي الفوائد المدفوعة.
بينما سيصبح القسط الشهري لقرض الـ 15 سنة هو 591 دولاراً بالشهر وبفوائد اجمالية مدفوعة 36380 دولاراً. أي بارتفاع بنسبة %6.6 في القسط الشهري وارتفاع بنسبة %22.7 بإجمالي الفوائد المدفوعة.
ولو ارتفعت فائدة الاقتراض السنوية لـ %10، سيصبح القسط الشهري لقرض الـ 70 ألف دولار لمدة 5 سنوات هو 1487 دولاراً بالشهر واجمالي الفوائد المدفوعة هو 19238 دولاراً. أي بارتفاع بنسبة %12.6 في القسط الشهري وارتفاع بنسبة %108 بإجمالي الفوائد المدفوعة.
بينما سيصبح القسط الشهري لقرض الـ 15 سنة هو 752 دولاراً بالشهر وبفوائد اجمالية مدفوعة 65360 دولاراً. أي بارتفاع بنسبة %35.7 في القسط الشهري وارتفاع بنسبة %120.5 بإجمالي الفوائد المدفوعة.
يتبين مما سبق أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يرفع أقساط سداد القروض الطويلة بنسب كبيرة، وبالتالي يؤثر ذلك سلباً في قدرة المشتري للعقار بتوفير السيولة. الأمر الذي يتسبب بانخفاض أسعار العقارات لو بقيت كل العوامل الأخرى المؤثرة في أسعار العقار ثابتة.
المصدر : الليرة اليوم + أخبار الليرة