لم يفلح في دراسته لكنه أسس أضخم شركة لصناعة السيارات والدراجات النارية في العالم.. قصة صعود رجل الأعمال هوندا
إن الإرادة والطموح مع العمل بجد دون كلل أو ملل كانت المفتاح السحري دائما لتحقيق أحلام الكثيرين ممن أرادوا أن يتركوا بصمة لهم في هذه الحياة..
وفي كثير من الحالات كان سوء الواقع الذي ولدوا ونشؤا فيه خزان طاقة ودافع معنوي لا ينضب, فكلما تعبوا أو أحسوا بالضعف والخذلان استمدوا منه القوة للنهوض من جديد وتكملة ما هم عازمين على تحقيقه.
وفي ذات الوقت سيكون كابوسا يذكرهم بأنهم في حال استسلامهم سيعودون الى ما خرجوا منه من معاناة وعذابات..
كل تلك الأسباب جعلت سوشيرو هوندا الذي ولد في العام 1906يصل الى ما حققه وأنجزه.
حيث كانت كل تفاصيل الحياة تشير أنه سيحيى حياة صعبة ضمن أسرة فقيرة للغاية تعيش في قرية في إحدى القرى اليابانية، والأب يعمل في اصلاح الدراجات الهوائية مقابل أجر زهيد.
كان سوشيرو هو أكبر أخوته، فكان من الطبيعي أن يساعد أبيه في هذه المهنة، وبالطبع يستشعر حب الآلات، خصوصاً الدراجات.
بداية الحلم
في بدايات القرن العشرين، شاهد الطفل إحدى الدراجات التي تعمل بمحرك بخاري في أحد الشوارع في اليابان، وكان هذا أمراً مذهلاً بالنسبة له.
عندما وصل إلى عمر الخامسة عشر، ترك الدراسة بسبب ضعف مستواه الدراسي الشديد، وانتقل إلى العاصمة اليابانية طوكيو بحثاً عن أي عمل، بالفعل استطاع –بفضل عمله في قريته مساعداً لأبيه في اصلاح الدراجات– الحصول على وظيفة عامل في ورشة سيارات.
قضى سوشيرو ست سنوات في هذه الورشة يعمل كفتى ميكانيكي، استطاع خلالها تعلم كل شيء –كل شيء حرفياً– بخصوص السيارات والمحركات في ذلك الوقت.
العودة بالخبرات
عاد سوشيرو إلى بلده مليئاً بالخبرات، وقرر افتتاح ورشة لإصلاح السيارات والدراجات البخارية وهو ابن الثانية والعشرين، ومع اهتمامه بالمحركات عموماً إلا أنه كان جموحاً في سباقات الدراجات البخارية تحديداً حتى أنه كاد يفقد حياته في إحدى المرات بسبب حادث تعرض له.
هذا الحادث، جعله يعتزل سباق الدراجات ويتفرغ فقط لإصلاحها وصناعتها.
وبمرور الوقت، بدأ سوشيرو في تطوير محرك جديد، قائم على تطوير حلقات دائرية لمكبس الاحتراق ” البستن “، بعد سنوات من التطوير، استطاع سوشيرو تطوير محركه بالكامل، وبدأ في محاولة عرضه على عدد من الشركات اليابانية منها شركة تويوتا.
وخلال العام 1938، قضى سوشيرو وقتاً طويلاً في محاولة اقناع تويوتا، مستخدماً كل ما لديه من مال، إلا أن تويوتا رفضت عدة مرات الاخذ بعيّناته، وإعادته إليه طالبة منه المزيد من التطوير، استمر تطويره للمحرك بحسب مواصفات تويوتا لمدة عامين كاملين، حتى قررت تويوتا أخيرا شراءه .
حيث منحته تويوتا مع عقد الشراء، إمكانيات لتأسيس مصنع خاص يعمل على صناعة هذا المحرك وتزويده إليها بشكل ثابت.
ضربة غير متوقعة
و وسط كل هذه الآمال، انهار كل شيء باندلاع الحرب العالمية الثانية في العام 1939، والتي كانت اليابان طرفاً أساسياً في الحـ.ـرب.
خلال فترة الحـ.ـرب توقف كل شيء، ومرت اليابان بفترة كساد هائل أدى إلى خسائر هائلة لمصنع سوشيرو، في العام 1944، وقبل اعلان الاستسلام بعام واحد، تم تدمير المصنع بالكامل بواسطة طائرات من الحلفاء، اعتبروا أن المصنع قد يكون مخصصاً للإنتاج الحربي للجـ.ـيـ.ـش الياباني.
توقف كل شيء وانهار كل شيء، حتى انتهت الحرب فقام سوشيروا ببيع ما تبقى من مصنعه إلى شركة تويوتا، ثم استغل هذا المال في تأسيس شركته الخاصة للمرة الأولى باسم ” مركز هوندا للأبحاث التقنية ” في العام 1946، بهدف صناعة أول دراجة بخارية بمحرك قوي تعتمد على وقود رخيص السعر، بما يتناسب مع حاجة السوق الياباني المتهالك بعد الحرب.
هذا الشاب يعرفه العالم أجمع باسمه كاملاً، سوشيرو هوندا، مؤسس شركة هوندا العملاقة للسيارات والدراجات، وكانت هذه بداياته المليئة بالكفاح والتحدي.
عملاق هوندا
في الخمسينيات، مع تحسن أحوال الاقتصاد الياباني، بدأت هوندا في انتاج المزيد من أنواع دراجات هوندا جيدة السعر والجودة، مما جعلها تقفز قفزات كبيرة في السوق الياباني لتصبح هي زعيمة السوق في أنتاج الدراجات.
ولاحقاً دخلت الشركة في إنتاج السيارات والمحركات بشكل أوسع.
وفي بداية السبعينيات، تقاعد سوشيرو هوندا من منصبه كرئيس لمجلس إدارة هوندا، وظل رمزاً للنهضة اليابانية حتى وفاته في التسعينيات، بعد أن لقبه اليابانيون بلقب ” هنري فورد الياباني ” الذي شارك في نهضة بلاده بعد انهيارها الكامل في الحرب.
والجدير بالذكر أنه في أحد المرات، كان يسير في جولة تفقدية في أحد مصانع شركته الضخمة، فوجد مجموعة من العمال في إحدى الورش، رفع سوشيرو هوندا يده ليسلم عليهم، فشعر العامل بالحرج وسلم على سوشيرو سريعاً لأن يده مليئة بالشحم فقام سوشيرو هوندا بجذب يد العامل بقوة.