منوعات

الأجود عالمياً ولا يخلو منه أي بيت ويصدر لأكثر من 60 دولة.. “سردين” المغرب ثروة اقتصادية وثقافة غذاء قل نظيرها في التاريخ

الأجود عالمياً ولا يخلو منه أي بيت ويصدر لأكثر من 60 دولة.. “سردين” المغرب ثروة اقتصادية وثقافة غذاء قل نظيرها في التاريخ

يحتل المغرب المرتبة الأولى عالمياً في تصدير سمك السردين المعلب، وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” (FAO) صنفت المغرب بأنه المنتج والمصدر الرئيسي لسمك السردين.

وينتمي السردين الموجود بالمغرب إلى سمك السردين الأوروبي، الذي يعد من أجود أنواع السردين وأكثرها طلباً بين دول العالم، والذي يعرف باسم “البلشارد” (pilchard) أو (pilchardus).

ويقول الخبير المغربي المعتمد لدى منظمة الزراعة والأغذية محمد الناجي للجزيرة نت إن “السردينة الأوروبية” صنف خاص، وهو الأكثر جودة على مستوى العالم، وأفضل نوع للسردين.

ويضيف الناجي أن المغرب أول منتج لهذا النوع من السردين وأول مصدر له، ويتوفر على مخزون ضخم، ومصيدة تدبيرها جيد، ومخططات تهيئة تعتمد نظام الحصص، مما يجعل ثروة المغرب من السردين محمية.

ويصدر المغرب السردين لأكثر من 60 دولة، ويوجه أكثر من نصف صادرات السردين نحو أفريقيا، في حين تعد فرنسا أول سوق مستورد ضمن السوق الأوروبي، وتعد أميركا أهم زبون للأنشوبة المغربية نصف المعلبة، التي يعد المغرب ثالث مصدر لها في العالم.

ويفيد الناجي بأن نحو 60% من القيمة المضافة في قطاع السردين ومعلباته تُكتَسب خارج المغرب لصالح شبكات التوزيع، وأنه رغم توفر المغرب على أفخر الأنواع فإنه لم يفرض علامات تجارية مغربية.

إذ تشتغل حوالي 80% من الشركات بالمغرب عبر المناولة (منتوجات بيضاء) لشركات كبرى تحتكر السوق العالمية وأسواق التوزيع، ويضيف الناجي أن ما يقارب 20% من إنتاج السردين تمر في السوق غير المهيكل.

خبرة وثقافة غذاء

يوزع عبد الحق السمك على المحلات والمطاعم، ويؤكد أن الطلب على السردين من قبل المواطن المغربي مرتفع، ويشهد إقبالاً متواصلاً، ويعد السردين أساسياً في الأسواق المغربية، ويعتبره المتخصصون من أفضل أنواع السمك من حيث القيمة الغذائية لتوفره على نسبة دهون متوازنة غنية بأوميغا.

وارتفعت الكميات التي تم تداولها في أسواق الجملة بنسبة 16% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، لتصل إلى 130 ألفاً و661 طناً، بقيمة 533.8 مليون درهم، حسب معطيات القطاع.

وتحتفظ مناطق في الشمال المغربي بثقافة صيد السردين، حيث تعتبر بعض الخبرات التي راكمها الصيادون تراثاً ثقافياً، في حين تعد خبرة اليد العاملة المغربية في قطاع الصناعات السمكية و”تصبير” السردين والأنشوبة معتمدة دولياً.

وتعود أولى وحدات تصنيع سمك السردين لبداية القرن 20، حيث كان يستعمله المستعمر آنذاك غذاء للجنود في مواقع الحرب.

المغرب العظيم

يقيس المغاربة مؤشر ارتفاع سعر الأسماك في السوق من خلال سعر السردين، فاذا كان سعره مرتفعاً فمعنى ذلك أنَّ لا مجال للاقتراب من انواع الاسماك الاخرى البيضاء، مثل «الجمبري»، والكلامار « الحبار»، والصول «سمك موسى»، وغيرها من انواع الاسماك «الحوت»، كما يسميها المغاربة.

وقياس ارتفاع سعر الحوت بالسردين، يؤكد على اهميته الاستهلاكية البالغة لدى غالبية المغاربة وبالأخص سكان المدن الساحلية الذين اعتادوا على كونه السمك الارخص ثمناً، والذي يشكل وجبة رئيسية، مفيدة وغنية، بالرغم من كونه ينعت بأنه سمك الفقراء.

يتراوح سعر السردين ما بين 10 الى 13 درهماً (الدولار يساوي 7.10 درهم)، إلا أنَّ سعره قد يرتفع الى 20 درهما للكيلو غرام، في بعض الاحيان بسبب عوامل كثيرة مثل نقص الانتاج وارتفاع تكاليفه، او بسبب سوء الاحوال الجوية التي تمنع البحارة من تحريك مراكبهم لمواجهة الامواج العاتية.

يقول أحد الباعة في سوق السمك المركزي في الرباط، الذي يوفر مختلف انواع الاسماك الطازجة، أنَّ السردين يكون متوفراً بكثرة في جميع الفصول، ويقل نسبيا في شهري ديسمبر (كانون الاول) ويناير (كانون الثاني)، أما أهم المدن الساحلية التي تزود الاسواق بالسردين، فهي الحسيمة، والعرائش، والدار البيضاء، واسفي، واكادير، والمدن الصحراوية.

ويؤكد هذا البائع أنَّ أفضل أنواع السردين هو سردين مدينة الحسيمة (شمال المغرب)، فمذاقه لذيذ جداً، مضيفاً أنَّ الناس يقبلون على شراء السردين لأنَّ سعره مناسب بالإضافة الى أنه مغذ.

ويفضل الغالبية من الناس السردين من الحجم الصغير المخصص للقلي، اما الحجم الكبير، فيصلح للشواء، ويتم الاقبال على شرائه في نهاية الاسبوع لأن بعض الاسر تخرج في نزهات خارج المدينة، سواء الى شاطئ البحر، او الغابات القريبة.

وهناك تصبح وجبة السردين المشوي على الفحم الاكلة الألذ والأشهى، طالما أنه من غير الممكن شي السردين داخل الشقق، بسبب الدخان المتصاعد منه، الذي يمكن شمه على مسافات بعيدة.

وبما ان قيمة السمك تكمن في طزاجته، يرشد هذا البائع مستهلكي السردين الى بعض العلامات التي تدل على طراوته حتى لا يقعوا ضحية غش بعض البائعين، وهي أن تكون قشرته الخارجية لامعة.

وأن تكون السمكة صلبة عند لمسها وليست مرتخية، وعيناها براقتان غير محمرتين،

اما إذا لم تتوفر هذه العلامات فينصح بعدم شرائه، لأنه يصبح خطراً على الصحة، لأنَّ الاسماك عموماً تتعرض للتلف بسرعة.

وإذا لم تكن لديك رغبة في تحضير السردين في البيت، فالمطاعم الشعبية توفره لزبائنها مقلياً او مشوياً كلما رغبوا في تناوله سواء وقت الغداء، او العشاء، او كوجبة خفيفة في المساء، بل لا حاجة لك للبحث عن مطعم، فأصحاب «المطاعم المتجولة» يقربون إليك هذه الوجبة أينما كنت.

ولا شك أنك ستصادف أحدهم واقفاً خلف عربة خشبية، وهو يقدم لزبائنه وجبة خفيفة من السردين المقلي المحشو في نصف أو ربع خبزة حسب الطلب، أو «شواية» من السردين الذي يعصر فوقه القليل من الليمون، وزبائن هذه المطاعم المتجولة ليسوا فقط من الطبقة الاجتماعية الفقيرة، بل من جميع الفئات.

فقد تجد بينهم شخصاً مرتدياً بذلة انيقة، واقفاً ينتظر دوره في الحصول على نصف خبزة محشوة بعدد من السردينات، في مشهد يثير الاستغراب احياناً، ربما لأنه لم يستطع مقاومة رائحة السردين المتبل المنبعثة من العربة المركونة في زاوية احد الشوارع!.

يحضر السردين على الطريقة المغربية بعدة طرق، فالمقلي، له طريقة خاصة، إذ ينظف جيداً، ثم ينزع الشوك الداخلي، حتى تصبح السمكة منبسطة، ثم تتبل بالثوم والبقدونس والفلفل الاحمر المطحون، وقليل من الزعتر، والكمون، وقليل من عصير الليمون، وتوضع فوقها شريحة سمك اخرى، ثم يغمس في الدقيق ويقلى في زيت حار إلى أن يتحمر من الجهتين، ويؤكل ساخناً.

أما السردين المشوي فلا يحتاج الى نزع احشائه، بل يغسل جيدا ويضاف إليه الملح، ويوضع فوق المشواة على الفحم، أو داخل فرن الغاز، وترفق معه سلطة الطماطم والبصل والفلفل الاخضر.

وهناك طريقة أخرى لتحضير السمك وهي تحويله إلى كفتة، بحيث ينظف وينزع منه الشوك، ثم يطحن، ويعمل منه كويرات صغيرة بعد تتبيلها بالبقدونس والثوم والفلفل، والكمون، والملح، ثم تطهى مع صلصة الطماطم، أو يعمل منها دوائر مبسطة تقلى في الزيت الحار.

ولتحضير طاجين من سمك السردين، فهناك أيضاً عدة طرق، منها، أن تصف دوائر البطاطس أسفل الطاجين المخصص للسمك ويكون مصنوعاً من الفخار، وشكله بيضاويا، ويضاف إليها دوائر الطماطم، ثم دوائر من الفلفل الاخضر، والليمون، ثم يوضع فوقها شرائح سمك السردين المزدوجة.

ويتبل بنفس الطريقة مع إضافة الفلفل الحار حسب الرغبة، ثم يصب فوقه القليل من الماء ويترك لينضج على نار هادئة في الفرن حتى يصبح السردين مقرمشاً، كما يمكن إعداد طاجين السردين بإضافة الطماطم المطحونة، أو المقطعة إلى شرائح صغيرة فقط، وعمل نفس التوابل، وتركه ينضج في الفرن.

ويعتبر السردين من الاسماك الغنية بالبروتين والفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والمغنيزيوم، كما يعد مصدراً اساسياً لزيوت (اوميغا 3) المفيدة لجهاز المناعة والجهاز العصبي.

وبالرغم من أنَّ المغرب يتوفر على 3500 كيلومتر من الشواطئ، إلا أنَّ معدل استهلاك الفرد من الأسماك لا يتجاوز 10 كيلوغرامات.

المصادر : مواقع الكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى