لايخفى على أحد التغيرات الاقتصادية العالمية الكبيرة التي حصلت خلال السنوات القليلة الماضية..
ولكن ما قد لايعرفه الجميع هو أن هذه التغير بكل تأكيد نابع من صراع سياسي في الخفاء بواجهة اقتصادية بين الدول العظمى ولاسيما الولايات المتحدة باقتصادها الذي هيمن على العالم لعقود من الزمن وفرض شروطه وسياسته وفي الجهة المقابلة لهذا الصراع كان الاقتصاد الصيني هذا التنين الذي نما بسرعة فائقة ولكن بخطوات علمية مدروسة وبتنفيذ فائق الدقة أدى ذلك وخلال فترة قصيرة الى تعاظم السيولة لدى هذا الاقتصاد ماجعله يأخذ فرصة كبيرة في جذب أنظار الدول النامية التي تبحث عن راع اقتصادي يدعمها ويقرضها بعيد عن الأنياب الأمريكية فكان للتنين الصيني ماسعى له وبدأ بضخ امواله لهذه الدول ولكن يبدو أن الأطماع الحقيقية الصينية بدأت تظهر للعلن..
حيث تتزايد المخاوف والتحذيرات من أن تقع الدول العربية في فخ الديون الصينية، كما حدث مع بعض الدول الآسيوية والإفريقية، التي أفلست إحداها بالفعل.
وتوسعت العديد من الدول العربية في الاقتراض من الصين، رغم ارتفاع أسعار فوائد قروض بكين، وترى الصين في القروض التي تقدمها للدول العربية “مصلحة متبادلة”؛ لكن الخطر يكمن في وصول هذه الدول إلى مرحلة تجد نفسها غارقة في هذه الديون، وعاجزة عن السداد.
وفي نهاية عام 2020، كانت الدول الـ68، الأفقر في العالم مجتمعة، تدين بنحو 110 مليارات دولار أمريكي للعديد من المقرضين الصينيين في الديون الثنائية الرسمية، وفقاً لتقديرات مركز التمويل والتنمية الأخضر في جامعة فودان في شنغهاي، أوردتها صحيفة “ساوث تشاينا مورننغ بوست”، ارتفاعاً من 105 مليارات دولار أمريكي في عام 2019. وكانت الصين أكبر دائن منفرد بعد جمعية التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، كما يقول التقرير.
ويثير توسع الديون الصينية للدول العربية مخاوف من أن تجبر بكين الدول المدينة، في مرحلة ما، على التخلي عن بعض أصولها للشركات الدائنة، أو تغيير مواقفها الدبلوماسية من قضايا معينة، استجابة للضغوط الصينية، وربما حتى فتح المجال لبكين لإقامة قواعد عسكرية.
ويقول رئيس الوزراء الماليزي السابق، مهاتير محمد، إن فخ الديون الصينية لا يختلف عن فخ الديون الأمريكية والأوروبية، إنه أشبه بـ”نسخة من استعمار جديد”، حسب تعبيره.
والجمعة الماضية، حذّر المستشار الألماني أولاف شولتس، من أن القروض التي تمنحها الصين منذ سنوات إلى بلدان فقيرة، خصوصاً في إفريقيا، تشكل “خطراً جدياً” يمكن أن يغرق العالم في أزمة مالية جديدة.
وقال شولتس: “يوجد حقاً خطر جدي” من أن تنجم أزمة مالية في “دول الجنوب عن قروض منحتها الصين عالمياً من دون أن تتمتع باطّلاع شامل عليها، لكثرة الجهات الضالعة فيها”.
لكن! لماذا تلجأ الدول العربية إلى الاستدانة “الكثيفة” من الصين رغم المخاطر التي قد يحملها ذلك؟ ولماذا تنفق بكين مليارات الدولارات على مشاريع في دول عربية قد لا يتمكن بعضها من سدادها؟
الديون الصينية تأتي بلا شروط سياسية أو حقوقية أو تقشفية
تحتاج الدول العربية، كغيرها من الدول، إلى قروض وتمويلات لمشاريعها، خاصة المتعلقة بالبنية التحتية أو الفوقية من طرق وسكك حديدية وموانئ وسدود وسكنات ومستشفيات ومدارس، بل وحتى لتمويل عجز الحساب الجاري.
وارتفعت الحاجة للسيولة النقدية، خاصة من جانب الدول العربية غير النفطية، خلال جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، للإيفاء بالتزاماتها.
وبالنظر إلى صعوبة الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وشروطهما المعقدة، تصبح الصين أحد الخيارات المفضلة للحكومات العربية، خاصة أنها لا تفرض شروطاً متعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
في المقابل فإنها تقدم بفائدة أعلى
بالمقابل، فإن الصين تستفيد من تشغيل فوائضها المالية الضخمة عبر قروض تفوق نسبة الفائدة فيها أحياناً تلك التي تشترطها المؤسسات الدولية.
تستهدف القروض الصينية بالدرجة الأولى البنية التحتية في الدول العربية، خاصة الموانئ والطرقات والسكك الحديدية، والتي تمكنها من تهيئة خطوط النقل والإمداد ضمن مبادرة الحزام والطريق، بالشكل الذي يضمن لها وصولاً دائماً للطاقة، وغزو سلعها للأسواق العربية.
وتتولى الشركات الصينية للمقاولة تنفيذ الكثير من المشاريع في الدول العربية التي تمولها بنوك صينية، ما يدرُّ عليها عوائد مالية مهمة.
إذ ساهمت سياسة القروض والتمويل، في ارتفاع عدد شركات المقاولات الصينية من 9 شركات بين أكبر 100 مقاول عالمي في عام 2000، إلى 27 شركة في 2020.
بينما أوروبا لديها 37 شركة، بانخفاض من 41 شركة، ولدى الولايات المتحدة 7، مقارنة بـ 19 قبل 20 عاماً.
كيف تساهم الديون الصينية في إبقاء عملتها رخيصة؟
والأمر الآخر، أن الصين تستهدف بقاء عملتها المحلية (اليوان) ضعيفة، بالشكل الذي يبقي سلعها رخيصة وتنافسية، مقارنة بالسلع الأمريكية والأوروبية الغالية.
وفي الوقت ذاته تحقق الصين فوائض مالية ضخمة من تجارتها الخارجية، ودخول مئات المليارات من الدولارات إلى السوق الصينية سنوياً سيؤدي إلى ارتفاع أسعار اليوان مقارنة بالدولار.
لذلك تُبقي الصين جزءاً من هذه الفوائض المالية كسندات لدى الخزينة الأمريكية بقيمة 1.1 تريليون دولار وفق بيانات الخزانة الأمريكية، في شكل احتياطيات صرفة.
كما تُقرض مليارات الدولارات للعديد من دول العالم بما فيها العربية، ما يسمح باستقرار عملتها وعدم ارتفاعها بالشكل الذي يضعف تنافسية سلعها.
تقارير عن استيلاء بكين على أصول الدول المتعثرة
ورغم نفي الصين استيلاءها على أصول أية دولة في العالم بسبب تعثرها في سداد ديونها، إلا أنه كثيراً ما يتردد اسم ميناء “هامبانتوتا” جنوبي سريلانكا، الذي استحوذت شركة صينية على 70% من أسهمه لمدة 99 عاماً، كمثال على رغبة بكين في الاستحواذ على أصول الدول بعد إغراقها بالديون.
وكانت سيرلانكا قد أعلنت مؤخراً عن عجزها عن سداد ديونها، بل عجزها حتى عن شراء شحنات وقود.
ومما يعزز وجه نظر منتقدي الديون الصينية؛ التشابه اللافت بين أزمة سريلانكا وباكستان، حيث يقال إن إسلام أباد لم يعد لديها بديل سوى اللجوء لصندوق النقد، لحل أزمة ديونها، نظراً لأن البلدين اعتمدا بشكل كبير على القروض الصينية لتنفيذ مشروعات بنية أساسية بتشجيع صيني ثبت أنها غير ذات جدوى.
وقد أجرى البعض مقارنة بين اتفاقية ميناء غوادر الباكستانية وصفقة ميناء سريلانكا، التي وُقّعت في عام 2017 مع الشركة الصينية التي تديرها الدولة، من أجل عقد إيجار لمدّة 99 عاماً لسداد الديون الصينية.
وتظهر أزمتي سيرلانكا وباكستان أن الصين غالباً لا تسارع إلى إنقاذ الدول التي ساهمت في توريطها في أزمات مالية، مع ملاحظة أن هذين البلدين تحديداً لديهما أهمية استراتيجية بالغة لبكين، باعتبارهما جارتين للهند غريمة الصين، وإسلام أباد تحديداً، عدوة نيودلهي اللدودة.
وسريلانكا ليست المثال الوحيد لعملية استيلاء الصين على أصول الدولة التي تتعثر في سداد ديونها، فهناك أيضا زامبيا، التي فشلت في دفع قيمة “محطة التوليد المائية” التي أنشأتها الصين، فاستحوذت عليها وعلى 60% من أسهم إذاعة زامبيا الحكومية.
الرئيس الصيني مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان/رويترز
وفي المالديف، تقدر ديون البلاد للصين بمبلغ 1.3 مليار دولار (أي أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي السنوي)، وقد استأجرت بكين إحدى جزرها لمدة 50 عاماً، وبعد استلام إبراهيم صلح الرئاسة أخذ على عاتقه مراجعة الاتفاقيات مع الجانب الصيني، و وصفها بأنها مشروع لـ”الاستيلاء على أراضي الدولة”.
وفي كينيا تعثرت الحكومة في دفع قرض أنفقته في بناء خط للسكك الحديدية، ما قد يدفعها للتخلي عن بعض أصولها.
مع امتلاك الصين حوالي 72% من ديون كينيا الخارجية التي تبلغ 50 مليار دولار. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن تدفع كينيا 60 مليار دولار لبنك الصين، “إكسيم” وحده، بحسب ما نقله تقرير لموقع “إندبندنت عربية” عن مصادر مطلعة.
ويمكن أن يُفقد ميناء مومباسا، إذا تخلفت كينيا عن سداد القرض، وفقاً لمراجع الحسابات العامة في كينيا.
وتعد أنغولا الأسوأ على لائحة الدول التي وقعت في شرك الديون الصينية، وتدين بما يقرب من 5% من دخلها القومي للصين لدفع الفوائد وسداد أصل القروض السابقة.
وتعد الصين حالياً مقرضاً ثنائياً في 32 دولة إفريقية، وأكبر مقرض للقارة ككل، وتشمل القائمة أنغولا (21.5 مليار دولار في 2017)، وإثيوبيا (13.7 مليار دولار)، وكينيا (9.8 مليارات دولار)، وجمهورية الكونغو (7.42 مليارات دولار)، وزامبيا (6.38 مليارات دولار)، والكاميرون (5.57 مليارات دولار)، وفقاً لتقرير موقع “إندبندنت عربية“.
أبرز الدول العربية المهددة بديون الصين
جيبوتي تدين بثلاثة أرباع ناتجها المحلي لبكين
وتعد جيبوتي أكثر الدول العربية والإفريقية انكشافاً أمام الديون الصينية؛ فوفق تقديرات “معهد التنمية الخارجية”، ومقره لندن، تمثل القروض الصينية 70% من الديون الخارجية لجيبوتي.
وتوقع تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية في 2018، أن تبلغ ديون جيبوتي 88% من ناتجها الإجمالي، والذي بلغ في العام نفسه أقل من 3 مليارات دولار.
وقدمت الصين لجيبوتي ما يقرب من 1.4 مليار دولار من الأموال، وهو ما يمثل 75% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد؛ ما يجعل البلاد عرضة لتسليم جزء من أصولها إلى الصين في حال عدم قدرتها على السداد.
وجيبوتي، لا تملك موارد طاقة تستحق الذكر، تمكنها من تطوير اقتصادها، لذلك تستغل موقعها الاستراتيجي على مضيق باب المندب، في تأجير قواعد عسكرية لكل من فرنسا والولايات المتحدة والصين، لدعم اقتصادها المتواضع.
وهذه الديون مكنت الصين من بناء أول قاعدة عسكرية لها خارج أراضيها، وإدارة ميناء دوراليه، وتشييد سكة حديدية، والعديد من المشاريع الأخرى، ما يجعل جيبوتي في موقع هش أمام تعاظم النفوذ الصيني الذي يقلق واشنطن.
بكين توقف قروضها للسودان بعد عجزها عن السداد
وعلى غرار جيبوتي، تعد السودان من بين الدول العربية التي تورطت في الديون الصينية السهلة والبالغة 10 مليارات دولار من إجمالي 60 مليار دولار.
وأدى تعثر الخرطوم في سداد هذه الديون، إلى ضغوط صينية تمثلت في وقف أو تجميد مشاريعها في البلاد، وعدم تقديم مزيد من المنح والقروض.
مصر.. ديون خفيّة للصين لا يُعرف حجمها
اقترضت القاهرة حوالي 15 مليار دولار أمريكي من المقرضين الصينيين من خلال المبادرة، بما في ذلك 3 مليارات دولار أمريكي لمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة من مجموعة من المقرضين بقيادة البنك الصناعي والتجاري الصيني المملوك للدولة، حسب موقع Enterprise.
كما حصلت مصر على قرض بلغت قيمته 3 مليارات دولار من الصين فى أكتوبر/تشرين الأول 2016، قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدولي.
حيث كان لزاماً عليها الحصول على 6 مليارات دولار، وهي قيمة التمويل اللازم لحصول مصر على الشريحة الأولى بقيمة ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدوليّ لمصر بإجمالي 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
وأظهر تقرير الوضع الخارجي رقم 74 للاقتصاد المصري، الذي صدر نهاية العام الماضي عن البنك المركزي المصري، وأطلع عليه عربي بوست في ذلك الوقت، أن الصين في صدارة الدول الدائنة لمصر بنهاية يونيو/حزيران 2021، مستحوذة على نحو 4.631 مليارات دولار من إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر للدول.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الصيني/رويترز
ولكن قال الكاتب عادل صبري، المتخصص في الشأن الصيني، إن هناك ديوناً مستترة اقترضتها مصر من الصين لإنشاء البرج الأيقوني ومجمع الوزارات التي تنفذه شركات صينية، ولشراء قطار العاصمة والقطار السريع.
وأشار صبري أيضاً، خلال مقال في موقع “الجزيرة نت“، إلى وجود قروض حصل عليها البنك الأهلي وبنك مصر، وشركات قطاع الأعمال التي حصلت بمفردها على ما يزيد عن نصف مليار دولار من الصين لتطوير قطاع الغزل والنسيج.
ولكن قيمة هذه القروض اختفت، حيث أشار صبري إلى أن تقارير البنك المركزي والموازنة العامة للدولة جاءت دون أرقام الدين الخاصة بالشركات والجهات المحلية التي اقترضت أموالاً من دول ومؤسسات أجنبية بالعملة الصعبة، والتي تحصل عادة على ضمان من وزارة المالية.
وذكر صبري أن تكلفة بناء البرج الأيقوني بالعاصمة الإدارية الجديدة تبلغ 3.2 مليارات دولار، ما يعني أن الصين حولت القرض إلى شركة العاصمة الإدارية الجديدة.
لذلك لم يظهر في الميزانية العامة ولا التقارير الدولية، ولم يعرض على البرلمان، ولم تظهر تفاصيل عقوده في الصحف أو أية جهة رسمية، أسوة بغيره من القروض الصينية المماثلة، ولا تظهر أرقام هذه القروض إلا فيما تذكره بيانات السفارة الصينية بالقاهرة أو حكومة بكين، وفق تعبير صبري.
كما أن البنوك الصينية يفترض أنها قدمت نحو 85% من التمويل اللازم لبناء ناطحة السحاب في العاصمة المصرية الجديدة والبالغ قيمتها 3 مليارات دولار، وذلك حسب تصريحات أحد المسؤولين في الشركة الحكومية الصينية المسؤولة عن مشروع العاصمة الجديدة، لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وتلقى البنك الأهلي نحو 600 مليار دولار أمريكي من بنك التنمية الصيني، ونحو 500 مليون دولار لبنك مصر على هيئة ضمانات تصل لتمويل المشروعات التي تساهم فيها شركات صينية، ناهيك عن قروض أخرى لم يتم الإعلان عنها.
ومن المعروف أن هناك شكوى بعدم شفافية الصين في تقديمها للقروض، حيث تعتمد الحكومة الصينية منذ عقود على الاقتراض خارج الموازنة العمومية من خلال آليات التمويل الحكومية المحلية، ولا يتم تسجيل العديد من هذه القروض، فالشفافية ضعيفة عندما يتعلق الأمر بكيفية استخدام الأموال.
وبالتالي لا تظهر مثل هذه القروض في الحسابات الرسمية للديون الحكومية؛ وذلك لأن مؤسسات الحكومة المركزية لم يتم ذكرها في الكثير من الصفقات التي أبرمتها البنوك الحكومية الصينية.
ما يجعل مثل هذه الصفقات خارج الميزانيات العمومية للحكومة، وتحجبها بنود السرية التي يمكن أن تمنع الحكومات من معرفة ما تم الاتفاق عليه خلف الأبواب المغلقة.
وقدرت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، هذه الديون الخفية بما يتراوح بين 30 تريليون يوان (4.2 تريليونات دولار أمريكي) و40 تريليون يوان (6.2 تريليونات دولار أمريكي) في عام 2018، و وفق تقرير مركز أبحاث AidData، فإن الديون الخفية أو المستترة تمثل نحو 38.6% من إجمالي الديون المستحقة للصين.
الصين تغري الجزائر بالاقتراض رغم تجربتها الأليمة السابقة
وفي الجزائر استغلت الصين أزمتها الاقتصادية الناتجة عن تراجع أسعار النفط والغاز، وسعت لتمويل مشروع تشييد أكبر ميناء تجاري في إفريقيا في منطقة شرشال (100 كلم غرب الجزائر العاصمة).
ورغم أن الجزائر تمكنت من سداد جميع ديونها قبل 2013، وتبنت سياسة عدم الاقتراض بعد تجربة مريرة مع صندوق النقد الدولي في التسعينيات، أدت إلى غلق آلاف المؤسسات الحكومية وطرد نحو 400 ألف عامل، إلا أن الصين أقنعتها في 2016 بتمويل كامل لمشروع ميناء الحمدانية بشرشال بقرض قيمته 3.3 مليارات دولار، على أن تتولى شركة صينية إدارته.
لكن المشروع أثيرت حوله بعض الشبهات؛ ما أدى إلى تجميده بعد الحراك الذي أطاح بالرئيس بوتفليقة ورجاله (1999-2019)، وأعيد بعث المشروع في عام 2020، في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي اشترط الشفافية.
إذ تتبنى الجزائر سياسة الشراكة مع الصين وفق قاعدة (51/49)، بدل ترك الشركات الصينية تستحوذ لوحدها على مشاريع بتمويل بنوك صينية.
وهو الأمر نفسه بالنسبة لمشاريع الفوسفات في شرق البلاد، والحديد الخام في الجنوب الغربي، الذي تم الاتفاق على استغلاله وفق قاعدة 51% للشريك الجزائري و49% للشريك الصيني.
لكن الوفرة المالية التي تمتلكها الجزائر، سواء بعد ارتفاع أسعار النفط والغاز عززت احتياطات البلاد من العملة الصعبة قللت المخاطر على الجزائر؛ ولكن هذه الميزة لا تتوفر في بلدان عربية أخرى مثل موريتانيا، التي تعد أيضاً من البلدان المنكشفة على القروض الصينية، وإن استفادت في 2021 و2022 بإلغاء بعض ديونها المستحقة.
وفي النهاية يبدو أن نوايا الاقتصاد الصيني الداعم للدول النامية بقروضه الميسرة بدأت بالظهور حيث تغري الصين الدول بالقروض ثم تبتلع أصولها ..
المصدر: عربي بوست — ArabicPost.net