تتكرر قصص التحول في حياة الناجحين والأغنياء والمشاهير، فيعتبر من النادر أن تجد أحدهم خُلق بالحال التي هو عليها من شهرة ونجاح.
وبحسب وصف المجتمعات بشكل رسمي، فإن كلايد بيزلي كان مجرماً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وكل من عرفه في تلك الفترة أدرك هذه الحقيقة.
لذلك، كان من الطبيعي أن ينتهي به هذا النوع من الحياة إلى الحكم عليه بالسجن لمدة 11 عاماً كاملة بعدة تهم، منها حيازة المخدرات والأسلحة، إلى جانب قائمة أخرى من التهم المشينة.
سنوات طويلة من السجن قضاها الفتى الأسمر، الحياة الروتينية المملة للسجن، الغرفة الضيقة، الشعور بالضياع، وتلفزيون صغير مخصص للمساجين لمشاهدة بعض القنوات.
لم يكن يتخيل أن هذه الليلة الباردة التي كان يشاهد فيها نقلاً مباشراً للعبة الجولف، ستحول حياته تماماً الى الافضل لاحقاً.
مباراة جولف
في تلك الليلة، قضى كلايد بيزلي وقته يتابع بشغف مباراة لعبة الجولف، للأسف، مع متابعته لهذه المباراة، كان الجو سيئاً، فألغيت المباراة في منتصفها بسبب سوء الأحوال الجوية.
شعر بيزلي بإحباط شديد، فهو متابع نهم لهذه اللعبة، وكانت تقضي عليه بعض الوقت وتضمن له بعض التسلية، مما جعله يشعر بالغضب بسبب توقف اللعبة وسط كل هذه الوحدة التي يعانيها.
إلا أنه، وفي ذروة غضب قفزت في ذهنه فكرة مدهشة جعلته يتوقف عن الغضب والصراخ وينغمس في تفكير عميق.
كان كلايد بيزلي متابعاً نهماً لنوعين من الرياضة، الجولف والتنس، وكلا الرياضتين تعقدان في ساحات مفتوحة، وكلاهما في تلك الفترة تتوالى أنباء إلغاء مبارياتهم بسبب سوء الأحوال الجوية.
في الوقت ذاته، يستحيل أن يتم إلغاء مباريات ”تنس الطاولة” لأنها تُلعب في صالات مغطّاة.
سؤال مجنون
سأل بزلي نفسه سؤالا مجنوناً:
إذا كانت لعبة التنس، تحولت إلى نسخة مصغرة منها وهي تنس الطاولة، فلماذا لا يمكن عمل نسخة مصغرة من لعبة الجولف أيضاً؟ تُلعب على ظهر طاولة في صالة مغطاة، ولا يمكن إلغاؤها بسبب الأحوال الجوية.
ماذا سنسميها؟ بالتأكيد سيكون اسمها ”جولف الطاولة” أو الـ Table Golf، وستكون شيئاَ أشبه بمزيج من الجولف والبلياردو معاً!
لن تكون هناك أحوال جوية سيئة وأمطار وأعاصير تؤجل مواعيد المباريات فى هذه الحالة بلا شك.
دعنا نجرّب
كانت فكرة غريبة وتبدو عبثية للوهلة الأولى، إلا أنه آمن بها وقام بوضع تصميمات لللعبة في مخيلته.
طلب بعض الأوراق والأقلام وبدأ برسم لوحات تصورية لفكرته، وبدأ في تخيل ووضع قوانين اللعبة في مساحة الطاولة وحدودها.
قضى بيزلي 11 عاماً في السجن، وخرج بعدها هذه المرة وهو سعيد بحريته، ولكنه لم يعد مرة أخرى إلى عالم الجريمة هذه المرة.
خرج من السجن ومعه فكرة مقتنع بها بشدة ويسعى لتنفيذها.
بعد خروجه من السجن، اتجه فوراً إلى أقرب محل يبيع بعض الأدوات والمعدات، وقام بشراء كل ما يساعده في رسم وتخطيط فكرته الجاهزة.
هذه الأدوات كلفته حوالي 200 دولار تقريباً، عاد بها جميعاً إلى منزله الفقير وبدأ في التنفيذ.
قضى ليالٍ طويلة في صناعة النموذج الأولي للعبته الخيالية.
يبدو أن ليالي السجن الطويلة علمته الصبر الطويل والمثابرة في التخطيط لكافة التفاصيل.
ويبدو أنه استطاع أن يفعلها!
استطاع بيزلي بناء نموذجه الأولي بالفعل للعبة، وقام بتجربتها مرات طويلة للتأكد من صمود قوانينها بشكل جيد.
ثم ذهب إلى استدعاء أصدقائه لتجربتها معه، وإخباره بمدى كونها لعبة لطيفة، ومساعدته في اكتشاف أي ثغرات بها.
فكانت النتيجة أن الجميع أبدى إعجابه الشديد بها.
اقتحام السوق
بعد أن تأكد بيزلي من جودة اللعبة التي صممها، وكفاءتها، وكونها لعبة مثيرة ولطيفة، بدأت المرحلة الأصعب في عمر أي فكرة ريادية جديدة.
إنها تسويق المنتج وعرضه للسوق والبدء في جذب الأرباح.
كانت تحركات بيزلي مدروسة، حيث ذهب إلى كل صالات الألعاب التي سمع عنها والتي لم يسمع!
النوادي الرياضية والملاهي الترفيهية، وكأي منتج جديد إبداعي، قوبل بيزلي بالرفض الدائم والسخرية والاستهجان، بل ولم يوافق كثيرون منهم لمجرد الاستماع للفكرة.
إلا أن أحد أصحاب الصالات الرياضية الذي استمع إليه، أخبره أنه لن يستطيع مساعدته إلا في شيء واحد، وهو أن ينصحه بأن يذهب بلعبته تلك إلى أحد المعارض الموسمية للألعاب التي تقام في لوس أنجلوس كل عام.
كان العام هو 2003، وذهب بيزلي بنفسه إلى المعرض على أمل أن يجد من يستطيع أن يموّله ويتبنى لعبته ويعرضها للسوق.
ومن بين العديد من الشركات، اهتمت إحدى شركات التصميم بلعبته بشدة، وعرضت عليه أن تقوم بتبنّي الفكرة وتصنيعها وتسويقها على نطاق واسع.
الهدف الذي سعى له بيزلي بالضبط!
وكان السعر المستهدف للعبة الواحدة وأدواتها وملحقاتها يتراوح ما بين 150 إلى 700 دولار، بحسب حجم الطاولة ومميزات اللعبة وأدواتها.
النجاح والانتشار
بعد عامين اثنين فقط من طرح لعبة بيزلي في السوق، وصلت مبيعاتها إلى 5 ملايين دولار، مما جعل السجين السابق ”كلايد بيزلي” مبتكر اللعبة ومؤسسها، يتحول إلى مليونير في ظرف عامين اثنين فقط، بعد أن اعتزل حياة الإجرام ووجّه كل قدراته للإبداع والابتكار.
على مدار سنوات، تحول بيزلي إلى نموذج شهير من المتحدثين في المحاضرات التحفيزية للشباب واليائسين، وسافر إلى كل الولايات الأميركية ليحكي قصته في عالم البيزنس، وكيف استطاع أن يتحول من سجين إلى رائد أعمال ناجح ومبدع، حاملاً معه فكرة أساسية واحدة:
مهما كانت الأحداث السيئة في الماضي، ومهما كانت الأخطاء التي ارتكبتها، ومهما كان شعورك بالضعف والانهزام والخجل.. هناك متسع لأن تُبعث من جديد وتتحول إلى نموذج ريادي ناجح يحوز المال عبر الإبداع، وليس الإجرام!
ما رأيك في قصة كلايد بيزلي؟ ننتظر مشاركتك في قسم التعليقات.
المصدر: عرب فاوندرز