لم يحتضنه بلده فرحبت به ألمانيا بعدما قدم مشروعا فريداً أذهل الأوربيين ..قصة نجاح المخترع السوري “نسيم خليل” الذي حصل على براءة اختراع حصد من خلاله تمويلاً من الحكومة بقيمة 24 ألف يورو
“نسيم خليل” مبدع سوري وجد في ألمانيا مكانا آمنا لأحلامه واختراعاته ومستقبله.
من رحم المعاناة والقسوة والألم يخلق النجاح والإبداع والتميز اذا ما اقترن بعزيمة وإرادة وطموح وحب للحياة وإثبات الذات..
كل ذلك أثبت الشباب السوري صحته خلال العقد الماضي فلا أحد ينكر هول ما عاناه الشعب السوري من ويلات الحر.ب والتهجـ.ـير.. ولكنه آثر المكابرة والانتصار على ظلم الحياة والسياسة وآلة الد.مار..
فبحث عن مكان آمن لأحلامه وبيئة خصبة لعمله ونجاحه فوجد ذلك في الدول التي أوى اليها واندمج في مجتمعاتها التي قدمت له كل عوامل الإبداع..
فاستغل الشباب السوري المتعلم المفكر هذه البيئة ليثبت أن “الابداع لا حدود له ” وهو حال الشاب السوري نسيم خليل الذي قدم إلى ألمانيا عام 2016..
حيث استطاع في خلال سنوات قليلة من قدومه أن يحصل على براءة اختراع لمرتبة ذكية تعتمد على التنافر المغناطيسي، واليوم يقف خليل قاب قوسين أو أدنى أمام ابتكاره الذكي الثاني، ويحدث مهاجر نيوز عن تفاصيله.
السوري نسيم خليل (36 عاما) في مدينة شتوتغارت، عاصمة ولاية بادن فورتيمبيرغ في صيف عام 2019 هو وزوجته وطفله، كان ذلك ضمن إطار لقاء مع جمعية “Signa Business Lab” التي تعنى بمساعدة اللاجئين.
كان هدف اللقاء هو جمع عدد من اللاجـ.ـئين الذين لديهم أفكار مبتكرة.
آنذاك كان الشاب خليل القادم من دمشق، والذي درس في جامعة حلب طب البيطرة، وعمل بها لبعض الوقت في سوريا يضع اللمسات الأخيرة على ابتكاره الأول.
دائرة أحلام خليل بدأت بالاكتمال والتوسع منذ استطاعته تحقيق جزء من أحلامه العلمية في ألمانيا.
فالسوري خليل والذي تمكن من الحصول على براءة اختراع ألمانية لمرتبة ذكية العام الماضي اعتمد فيها على خاصية التنافر المغناطيسي من أجل إتاحة تموضع أفضل للجسم وخاصة للأرداف والكتف وعلاج مرضى آلام الظهر وحالات ارتجاع المريء،
اقترب حلمه الثاني من الظهور، حيث يقوم حاليا بوضع اللمسات الأخيرة على ابتكار جديد سيظهر إلى النور قريبا.
اليوم يبدو خليل أكثر خبرة وحنكة بالسوق الألماني وهو يحدثنا عن اختراعه الجديد، إذ أن الفترة الماضية علمته الكثير كما يقول، فنجاحه في تسويق اختراعه الأول وشرائه من قبل شركة طبية سويدية مختصة، أكد أنه يسير على الطريق الصحيح، بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهها.
ويقول خليل: “حاليا أنا في المراحل النهائية لابتكار جديد، آمل أن يخرج إلى الأسواق قريبا، حيث يتمثل هذا الابتكار بتصميم ذكي وفريد لحقيبة ظهر تقوم على خوارزمية خاصة لحماية حاملها،
فهي مهيأة لتقديم الحماية لمرتديها، ومقاومة الحوادث المتوقعة أثناء التنقل لا سيما في المدن الكبيرة”.
تعتمد فكرة الحقيبة المبتكرة على وجود حساسات خاصة وكاميرات بالغة الصغر موصولة بجهاز كومبيوتر لوحي دقيق. وبطريقة الخوارزميات تم تلقيم الجهاز بأكثر من 265 حالة اعتداء بوسائل مختلفة وذلك استنادا إلى بيانات أمنية دقيقة.
حيث تتمكن الحقيبة من معرفة أوجه أو أجسام متحركة للمحيطين بها، وإحباط أي محاولة رصد أو اقتراب من حامل الحقيبة،
حيث تنبه حاملها بدرجات إنذار مختلفة بعضها صامت يعتمد على خاصية الإرتجاج وبعضها يطلق صفير الإنذار للتنبيه وكشف محاولة التحرش. كما أن الحقيبة مزودة بجهاز مانع للسرقة وموصولة بنظام تعقب عبر GPS من أجل تحديد موقعها.
الحصول على براءة اختراع وتمويل
من أجل تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع كان على خليل تجاوز عقبات بيروقراطية كثيرة، بيد أن نجاحه السابق في الحصول على براءة اختراع سابقة ساعده على تكوين خبرة كبيرة في التعامل مع المؤسسات الألمانية المختلفة،
وكان على خليل تقديم طلبه الكترونيا وتعبئة نموذج خاص من أجل المصادقة على هذه الفكرة والسماح بفحصها من قبل لجنة مختصة
وهو ما استغرقه أسابيع طويلة في تقديم الأوراق اللازمة، وإقناع اللجان المختصة بفكرته.
في النهاية تمكن خليل من الحصول على براءة اختراع لحقيبة الظهر وعلى تمويل من وزارة الاقتصاد والعمل في ولاية بادن فورتمبرغ.
ويأتي هذا التمويل ضمن برنامج خاص لدعم الابتكارات، إذ حصل اللاجئ السوري على تمويل بقيمة تبلغ نحو 24000 يورو.
مصاعب وعقبات
وبسبب التقييم الإيجابي لإختراع حقيبة الظهر الذكية، حصل نسيم على التمويل وهو ما ساهم في تسريع انجاز هذا الابتكار.
ويقول خليل” واستغرق الأمر شهورا طويلة حتى تمكنت من الحصول على براءة هذا الاختراع، وهو ما يفيد بشكل رسمي أن الفكرة أصبحت ملكي بحسب القانون ولم يسبقني إلى تسجيلها أحد”.
واصطدمت الفكرة بعقبات بيروقراطية كثيرة وتشكيكات من قبل بعض الدوائر في البداية، خاصة أنها نابعة من مخترع أجنبي، حسبما يروي خليل.
إلا أن مصادقتها من قبل اللجان المختصة والحصول على تمويل حكومي بدد هذه الشكوك، وفتح أمامه الأبواب للمساعدة. وهو ما ساهم في تحقيق المشروع.
وفي حديثه لمهاجر نيوز يؤكد خليل أن وجوده في ألمانيا والدعم الذي يحصل عليه لتحقيق هذه الابتكارات هو من بين أهم سبب نجاحه،
فالبلد يدعم المتفوق ويقدم له المساعدة في إنجاز فكرته، كما أن ألمانيا لديها مؤسسات بحثية عريقة،
وهو ما يساعد في حدوث أية إشكالية للحصول على أفكار جديدة. ويروي خليل كيف أنه عرض فكرته على شركة بوش، من أجل التمكن من معرفة السند القانوني الذي تتبعه الشركة والتي يسمح لها بتركيب حساسات وكاميرات على السيارة من أجل التغلب على مشكلة انتهاك الخصوصية، حيث وفرت له الشركة كل ما يريد.
نصائح للمخترعين اللاجئين
وفي النهاية ، يوجه خليل نصيحته للمخترعين ولا سيما الأجانب واللاجئين المتواجدين في ألمانيا، بضرورة البحث الجيد والتحضير الجيد للفكرة. فالتحضير الجيد هو نصف النجاح كما يقول المثل الألماني.
كما أنه من الضروري عرض الفكرة على الأشخاص المحيطين من أجل معرفة ردود فعلهم، فهذا الأمر يساعد على معرفة مدى قبول وانتشار الفكرة وقد ينبه المبتكر إلى خلل أو أخطاء فيتداركها.
من الضروري كذلك الحصول على مصادقة من اللجان المختصة، وهي تختلف في ألمانيا باختلاف الولاية إلا أن وزارة العمل والاقتصاد تحتوي على برامج مختلفة للأفكار الناشئة، وهو ما يتطلب حجز موعد من أجل الحصول على إرشاد من قبلهم ومعرفة ما يلزم.
ويتمنى خليل وجود رابطة تضم المخترعين العرب في ألمانيا من أجل دعم الأفكار الشابة والوصول إلى نوع من التكامل بين المخترعين العرب وهو ما قد يوفر عليهم الجهد والوقت،
بيد أن تنفيذ هذا الأمر يصطدم كما يقول خليل بحاجز التمويل والذي يجعل من هذا الحلم على قائمة الانتظار.
وفي النهاية علينا أن نفتحر بهذا الشاب السوري الذي وجد حاضنة لأحلامه فحققها ونال الجوائز
ولكن ماذا بالنسبة لمن لم يجد من يحضن أحلامه؟!
المصدر: مهاجر نيوز + وكالات