شهدت تركيا العديد من الحضارات التي تعاقبت عليها، والتي أنشأت وأسّست ممالكها وإمبراطوراتها فيها، لتجعلها دولةً غنيّةً بكنوزها الأثريّة، من محفورات ونقوش.
فالدولة التي تتوافر فيها آثار تعتبر دولةً حضارية ذات تاريخ عريق.
حيث يدل ذلك على أن هذه الدولة لطالما كانت محطَّ أنظار الأمم الغابرة.
يذكر أن لصوصاً كانوا قد اقتحموا الغرفة عام 2017، من خلال حفر فتحة في الطابق الأرضي للمنزل المكون من طابقين، والواقع في قرية باشبوك (Başbük).
وعندما قبضت السلطات التركية على اللصوص، قام فريق من علماء آثار بحفريات لدراسة أهمية الفن المرسوم على “اللوحة الصخرية” في خريف 2018.
وتمت مشاركة ما وجده الباحثون في دراسة نشرت، الثلاثاء، في مجلة “أنتكوتي” (Antiquity) التابعة لجامعة “كامبريدج” البريطانية.
يعود هذا العمل الفني إلى القرن التاسع قبل الميلاد، خلال فترة الإمبراطورية الآشورية، والتي بدأت في بلاد ما بين النهرين، وتوسعت لتصبح أكبر قوة عظمى في ذلك الوقت.
وشمل هذا التوسع منطقة الأناضول في غرب آسيا، والتي تضم الكثير من تركيا الحديثة، بين 600 و900 قبل الميلاد.
حيث تمكن علماء الأثار اثناء عملية التنقيب من اكتشاف لوحة صخرية تعود تاريخها إلى الحضارة الآشورية, في غرفة أسفل منزل في جنوب شرق تركيا.
ويظهر اللوح الآلهة المحلية للأعمال الفنية وآلهة أخرى وأظهر اكتشاف “غير متوقع” أعمالا فنية قديمة تعود للعصر الحديدي.
ويظهر الاكتشاف الذي هو عبارة عن “عمل غير مكتمل” موكبا لآلهة، ويصور كيف اجتمعت “ثقافات مختلفة”، وفقا لموقع “سي أن أن”.
ويوجد أيضاً في الغرفة السفلية، منحوتة ورسومات على “أحجار جيرية”، وتمتد لمسافة 30 مترا تحت المنزل.
وقال أحد مؤلفي الدراسة، سليم فروح عدالي، أستاذ التاريخ المشارك في جامعة العلوم الاجتماعية في أنقرة بتركيا، “عندما مارست الإمبراطورية الآشورية السلطة السياسية في جنوب شرق الأناضول، عبر الحكام الآشوريون عن قوتهم من خلال الفن بأسلوب البلاط الآشوري”.
وقال مؤلفو الدراسة إن أحد الأمثلة على هذا الأسلوب هو النقوش الصخرية المنحوتة، وأشاروا إلى أن الأمثلة الآشورية الحديثة على ذلك تعتبر نادرة.
ويعكس العمل الفني “تكامل الثقافات”، وتمت كتابة أسماء الآلهة باللغة الآرامية المحلية، فيما ترمز الصور إلى “موضوعات دينية” من سوريا والأناضول، وهي مرسومة على الطراز الآشوري.
وقال عدالي إن هذا العمل “يوضح كيف أنه في المرحلة المبكرة من سيطرة الآشوريين على المنطقة، كان هناك تعايش محلي وتعايش بين الآشوريين والآراميين في المنطقة”.
وتظهر الأعمال الفنية “غير المكتملة” ثمانية آلهة، وأكبر هذه الأعمال بارتفاع 3.6 قدم (1.1 متر). وتشمل الآلهة المحلية في الأعمال الفنية “إله القمر سين” و”إله العاصفة حداد” و”الإلهة أتارجاتيس”.
وقد تمكن علماء الآثار أيضا من التعرف على “إله الشمس” وآلهة أخرى.
وحدد الفريق أيضا نقشا يظهر اسم “موكين أبوا”، وهو مسؤول آشوري خدم في عهد “أداد نيراري الثالث” بين 783 و811 قبل الميلاد. ويعتقد علماء الآثار أنه تم تعيينه بهذه المنطقة في ذلك الوقت.
ويشار إلى أنه تم إغلاق الموقع بعد أعمال التنقيب عام 2018 لأنه “غير مستقر” ويمكن أن ينهار، وهو الآن تحت الحماية القانونية لوزارة الثقافة والسياحة التركية.
الجدير بالذكر أن علماء الآثار يتوقون إلى مواصلة عملهم، عندما يمكن استئناف عمليات التنقيب بأمان، والتقاط صور جديدة للأعمال الفنية والنقوش، وربما الكشف عن المزيد من الرسومات والتحف.
المصدر: الحرة