دون استخدام مواد عالية الكلفة ..تطوير مادة ثورية تخزن الطاقة النظيفة وتنقلها
طوّر باحثون من جامعة فوكيوكا اليابانية مادة جديدة تسهم في تخزين طاقة الهيدروجين ونقلها بسهولة دون الحاجة إلى أي إجراءات معقدة، وفقما جاء في دراسة نشرت نتائجها في دورية “كيمستري إيه يوروبيان جورنال”.
ويشير البيان الصحفي المنشور يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن المادة التي طورها الباحثون قادرة على تخزين طاقة الهيدروجين في درجة حرارة الغرفة مدة طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر، دون الحاجة إلى استهلاك كم كبير من الطاقة.
وتتميز المادة الجديدة بانخفاض كلفة إنتاجها، فهي تعتمد على مادة النيكل الرخيصة والمتوفرة في كوكب الأرض.
معضلة استخدام الطاقة النظيفة
ويستدعي توليد الطاقة استخدام الوقود الأحفوري، وبسبب التغيرات المناخية المتطرفة اتجه العالم إلى استغلال مصادر الطاقة النظيفة التي يمثل الهيدروجين أحدها، وذلك من أجل الحد من الانبعاثات الكربونية والحد من تغير المناخ.
ويتميز الهيدروجين بقدرته على تخزين الطاقة ونقلها، لكنه لا يتوفر في الطبيعة في صورته النهائية التي يمكن استغلالها، لذا ينبغي استخراجه من المواد التي تحتويه.
الهيدروجين يُخزن في ظروف قاسية في صورته الغازية أو السائلة داخل خزانات (شترستوك)
ويشير مكتب كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة الأميركي إلى أن تخزين الهيدروجين يستدعي تطبيق ظروف قاسية، مثل تخزينه في صورته الغازية داخل خزانات تحت ضغط شديد الارتفاع، أو في صورته السائلة تحت درجة حرارة شديدة البرودة.
حلول مبتكرة
وبعد محاولات استمرت عقودا بهدف تحسين كفاءة استغلال الهيدروجين وتخزينه؛ طوّر باحثو جامعة فوكيوكا مادة قادرة على حمل طاقة الهيدروجين من أجل تخزينها ونقلها دون الحاجة إلى تطبيق الظروف القاسية المذكورة مسبقا، ودون استخدام مواد عالية الكلفة، وهي المواد التي تستخدم في إنتاج حاملات الهيدروجين حاليا مثل البلاتينيوم.
يقول الباحث المشرف على الدراسة سيجي أوغو، في البيان الصحفي، إن تخزين الهيدروجين ونقله في صورته الغازية يستهلكان قدرا كبيرا من الطاقة، لذا من الأفضل العمل على تطوير وسائل أخرى أقل استهلاكا للطاقة.
المادة المبتكرة المشتقة من مواد طبيعية يمكنها تخزين الهيدروجين حتى 30 يوما بدرجة حرارة الغرفة (شترستوك)
ويضيف “لقد حاولنا التوصل إلى كيفية تخزين الهيدروجين بالنظر إلى الطبيعة، فوجدنا مجموعة من الإنزيمات تسمى هيدروجينيزز (Hydrogenases) بإمكانها كسر ذرات الهيدروجين إلى بروتونات وإلكترونات، ومن ثم تخزين طاقة الهيدروجين من أجل استخدامها في وقت لاحق، وذلك في درجة حرارة الغرفة الطبيعية”.
ويؤكد أنهم “من خلال دراسة هذه الإنزيمات استطعنا تطوير مادة جديدة يمكنها أداء الدور نفسه”.
ويعني هذا الأمر أن الباحثين اقتبسوا كيفية عمل هذه الإنزيمات داخل خلايا الكائنات الحية وطبقوها معمليا من أجل إنتاج حاملات طاقة الهيدروجين.
حاملات طاقة الهيدروجين
ولدى تواصل الجزيرة نت مع الباحث المشرف على الدراسة عبر البريد الإلكتروني، أوضح أوغو أن فريقه البحثي استخدم غاز الهيدروجين ومادة النيكل من أجل إنتاج المادة الحاملة لطاقة الهيدروجين، وتتميز هذه المادة بقدرتها على تخزين الطاقة في صورة إلكترونات، لا في صورة غاز أو ذرات كما هو الحال حاليا.
ويمكن تخزين هذه المادة -التي تحمل الطاقة داخلها- في صورة مسحوق يسهل نقله بكميات كبيرة دون مواجهة صعوبات.
ولأن الحاملات تخزن الطاقة في صورة إلكترونات، يمكن استغلال هذه الإلكترونات مباشرة في عمليات توليد الطاقة مثل إنتاج الكهرباء.
وعند سؤاله عن إمكانية إنتاج هذا المركب مستقبلا في دول الشرق الأوسط، أكد أوغو سهولة العملية الإنتاجية، فهي لا تستدعي استخدام أي تقنيات معملية معقدة، إضافة إلى انخفاض كلفتها.
المادة الجديدة تعمل عمل إنزيمات خاصة يمكنها كسر ذرات الهيدروجين إلى بروتونات وإلكترونات ومن ثم تخزينها (شترستوك)
ويسعى الفريق البحثي إلى التعاون مع القطاع الصناعي من أجل تجربة التقنية الجديدة على أرض الواقع، إضافة إلى عمله على تحسين كفاءة المادة الجديدة المتعلقة بتخزين طاقة الهيدروجين، واكتشاف مواد إضافية ذات كلفة منخفضة يمكن استغلالها في ذلك الأمر.
المصدر: الجزيرة نت