يسعى الإنسان إلى التطور دوماً، وفي جميع المجالات ، بهدف تلبية احتياجاته أولاً، ومواكبة التطورات ثانياً.
لعلّ من أكبر إنجازاته في الفترة الأخيرة، يكون اختراع خلايا الطاقة الشمسية، التي تقوم بامتصاص ضوء الشمس، ثم توليد التيار الكهربائي من خلاله.
لكن ما يدعو للدهشة أحياناً، هو الحدود الموضوعة لاستخدام الطاقة الشمسية التي لم يقدر عالمٌ على تجاوزها، بعد محاولات عديدة لذلك.
ذلك لأن فترة ظهور الشمس تقتصر على وقت النهار فقط.
وقديمًا قال العالم توماس إديسون: «ما دامت الشمس تشرق، لن تنضب مصادر الطاقة التي يستطيع البشر الاستفادة منها».
لم يكن هو الوحيد الذي يحلم بتسخير طاقة الشمس لخدمة البشرية، إذ ظل هذا التفكير منتشرًا بين مخترعين عديدين عبر التاريخ.
واصل أستاذ بجامعة هيوستن السعي للتوصل إلى تقنية طاقة شمسية جديدة، وأعلن حديثًا اختراع نظام طاقة شمسية جديد يتفوق على كل الأنظمة السابقة!.
إذ يتيح هذا النظام استخدام طاقة الشمس باستمرار دون توقف.
كتب بو جاو كاليسي، الأستاذ في قسم الهندسة الميكانيكية، وطالبة الدكتوراه سينا جعفري غاليكهونه: «مع التصميم الجديد لنظام الطاقة الشمسية، تمكنا من تحسين فعالية آلية جمع الطاقة الشمسية لأقصى حد تسمح به القوانين الديناميكا الحرارية».
يشير الحد الأقصى في الديناميكا الحرارية إلى القدرة النظرية المطلقة لتحويل أكبر قدر من طاقة الشمس إلى كهرباء.
هذا التقدم في مجال استخدام طاقة الشمس بالغ الأهمية من أجل الانتقال إلى مرحلة العمل على بناء شبكة كهربائية نظيفة.
وفقًا لدراسة حديثة نشرتها إدارة تقنيات الطاقة الشمسية والمخبر الوطني للطاقة المتجددة، قد يصل اعتماد الولايات المتحدة على مصادر الطاقة الشمسية إلى 40% بحلول 2035، و45% بحلول 2050.
لكن ذلك يعتمد على خفض التكاليف اللازمة لبدء العمل بهذه الخطة، والتوصل إلى سياسات داعمة لتوسيع نطاق شبكات الكهرباء.
ما مبدأ عمل نظام الطاقة الشمسية الجديد؟
تعتمد خلايا الطاقة الشمسية التقليدية على طبقة وسيطة تعالج ضوء الشمس، من أجل تحويله إلى طاقة كهربية بكفاءة.
السطح الأمامي للطبقة الوسيطة – المقابل للشمس– مصمم لامتصاص الفوتونات القادمة من الشمس.
من ثم تُحول الطاقة الشمسية إلى طاقة حرارية ترفع درجة حرارة الطبقة الوسيطة.
حدد العلماء الحد الأقصى لخلايا الطاقة الشمسية التقليدية بـ 85.4%، وهي ما يُمكن إنتاجه من طاقة بالاستفادة من الطاقة الحرارية لضوء الشمس.
هذه النسبة أقل بكثير من الحد الأقصى المُفترض وهو 93.3%، ما يُعرف بحد لاندسبرغ.
يقول جاو: «يُظهر اكتشافنا سبب عدم القدرة على بلوغ حد لاندسبرغ، إنه الانبعاثات من الطرف الخلفي للطبقة الوسيطة باتجاه الشمس، تلك الانبعاثات ناتجة عن عملية التبادل الحاصل في نظام الطاقة الشمسية.
اقترحنا صنع أنظمة طاقة شمسية تستخدم الخلايا التقليدية، مع إضافة طبقة وسيطة لا يحدث فيها أي عملية تبادل بعد امتصاصها أشعة الشمس.
ما سيمنع الانبعاثات في الاتجاه المعاكس لضوء الشمس، ما يعني تدفقًا أكبر للفوتونات باتجاه الخلية».
بذلك تستطيع النظم الشمسية الجديدة بلوغ حد لاندسبرغ، وستزيد فعالية أنظمة الخلايا الشمسية أحادية الوصلة زيادة ملحوظة.
تتميز الأنظمة الشمسية الجديدة ليس فقط بأدائها العالي، بل أيضًا بحجمها الصغير وسهولة تشغليها، وإمكانية برمجة النظام لتوليد الطاقة الكهربائية حسب الطلب.
من التطبيقات المهمة أيضًا، إمكانية وضع هذه الأنظمة الشمسية مع وحدة تخزين طاقة حرارية رخيصة لتوليد الكهرباء باستمرار طوال الوقت.
يختتم جاو: «يُبين اكتشافنا الجديد ما يُمكن للمكونات الحرارية الضوئية عديمة التبادل أن تُحققه في مجال توليد الطاقة.
ويفتح النظام الشمسي الجديد المجال لإجراء المزيد من التحسينات الكبيرة، قد تُتيح المجال أيضًا لتركيب مثل هذه الأنظمة في محطات توليد الطاقة».
ربما يكون ما قام به العالم جاو، ليس إلّـا بدايةً لمستقبلٍ ذاخر بالاختراعات التي تعتمد على الطاقة الشمسية.