تزخر الطبيعة بالكثير من الظواهر الغريبة والمثيرة للدهشة أحياناً، وكثيراً ما تستمر بعضها وتتجدّد دون انقطاع، والأهم من ذلك أنها وجدت منذ الخليقة ودون تدخل من الإنسان.
تتعدد هذه المظاهر وتتنوع، من أشجار وأزهار، وحيوانات جميلة، وكذلك المياه والأنهار، وتتناغم جميعها في لوحة ربّانية مدهشة.
حيث يعمل المستكشفون والباحثون لكشف العديد من مظاهر الطبيعة، فيُسعدون عند حل لغز لأحدها، لكن بعضها يبقى مجهولاً، كينبوع المياه الذي حير العلماء، فهو لا ينضب أبداً.
بقي هذا الينبوع مجهولاً لمئات السنين، فلا أحد يعرف مصدره، وبقي لغزاً معقداً لم يستطع أحد القدرة على حلّه مهما حاول.
يعرف الينبوع الغامض باسم «Fosse Dionne» وهو موجود في «Tonnerre» بمنطقة «بورغندي» الفرنسية.
حيرة وتساؤلات
وقد يتساءل الكثير عن سبب هذه التسمية”بئر الموت”.
الجواب بكل بساطة أنه كل من حاول اكتشاف سره للأسف كان مصيره الموت.
حيث في عام 1974 نزل اثنان من الغواصين المحترفين إلى الممرات الضيقة لصخور الحجر الجيري المحاوطة للينبوع الغامض، ولكن بدلاً من العثور على مصدر النبع خسرا حياتهما.
إذ وجدا أنهما غير قادرين على الإبحار بشكل صحيح في الهوة المستدقة .
وتجددت المحاولات مرة أخرى في عام 1996، إذ استأجرت بلدة «Tonnerre» غواصاً آخر للوصول إلى حقيقة الأمور، لكنه توفي أيضاً، وكانت آخر المحاولات لفك لغز مصدر الينبوع الغامض في العام الماضي.
إذ استعان عمدة البلدة الفرنسية بالغواص المحترف «بيير إريك ديسين»، لحل اللغز، ونزل أكثر من 70 متراً تحت الأرض، وغامر بأكثر من 370 متراً من مدخل التجويف، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى مصدره، ليظل الينبوع سراً لا يعرف أحد مصدره..
سبب التسمية
أما سبب تسميته بالبئر الغامض لأنه عبارة عن بئر مياه متجدد لا تنضب أبداً دون أن يتمكن أحد من تحديد مصدره ويقذف دائماً كميات هائلة من المياه بتدفق يصل إلى 311 لتراً في الثانية بشكل منتظم.
كما ويمكن أن تزيد قوة التدفق إلى 3000 لتر في الثانية في الظروف الجوية الممطرة.
وقد استخدمه الرومان منذ قديم الزمان لمياه الشرب، واعتبره السلتيون مقدسًا، واستخدمه الفرنسيون كحمام عام خلال القرن الثامن عشر.
كثرت الأقاويل حول هذه البركة حيث اعتقد البعض أنه كانت بوابة لعالم آخر، بينما كان البعض الآخر مقتنعًا بأن قاعها كان منزل ثعبان عملاق .
في بعض الأحيان، يكون المجهول مخيفاً، وخاصّةً إذا امتدّ هذا الجهل بأمره وقتاً طويلاً، ونادراً ما يتولد دافع وجرأة عند أحد لمحاولة اكتشافه، وفك شيفرته.