خلدها تمثال مُذهل في جورجيا ..ما لا تعرفه عن “علي ونينو” قصة الحب القوقازيّة بين مُسلم ومسيحيّة
لا شكَّ أننا نسمع دائماً بقصص الحب الأسطورية التاريخيّة التي سطرت أروع الأمثلة في الحب، مثل قيس وليلى، وعنتر وعبلة، وممو وزين، وروميو وجولييت، ولكن هل سمعتم من قبل بقصة علي ونينو؟
قصة علي ونينو
عُرفت قصّة علي ونينو لأول مرة من خلال رواية منسيّة وجدتها الرسامة الألمانية جونيا فرامان في إحدى المكتبات القديمة في أذربيجان، فترجمتها إلى اللغة الألمانيّة، ونشرتها بشكل رسمي للمرة الأولى في العام 1937.
الرواية التي تعتبر من روائع الأدب القوقازي، كانت تحمل اسماً مستعاراً وهو “قربان سعيد”، وتُرجمت لاحقاً من الألمانيّة إلى 33 لغة حول العالم.
وعلى الرغم من أنّ كاتب الرواية الحقيقي غير معروف بشكل مؤكد، فإنّ البعض يعتقدون أنّ الكات الأذربيجاني بليف نوسيمباوم، الذي كان يكتب تحت اسم مستعار “أسعد باي”، هو مؤلف الرواية الحقيقي.
في حين أنّ روايات أخرى والتي تبدو أنها الأكثر احتمالاً تؤكد أنّ الكاتب الأذربيجاني يوسف فيزير شامانزامينلي هو الكاتب الحقيقي للرواية، وقد ترجمها بمساعدة مترجم إلى الألمانية، وبأنّ البطل المذكور في الرواية له خصائص مُشتركة مع الكاتب الأذربيجاني ذاته، وفقاً لما ذكرته صحيفة Daily Sabah التركية.
كما تضيف الصحيفة أنّ شامانزامينلي كان يعمل مستشاراً قضائياً غادر أذربيجان عندما احتلها الجيش السوفييتي في عام 1920 باتجاه باريس؛ بسبب آرائه السياسية المعادية لروسيا، وبأنه كان ينشر مُعظم كتبه باسم مستعار “قربان سعيد” لتجنب الاعتقال، وأنه عاد إلى باكو في عام 1926 ليقع ضحية لتطهير ستالين وتوفي في سجن الغولاغ في منطقة غوركي في عام 1943
فيما يقال إنه قام بإتلاف العديد من مخطوطاته بحكم الضرورة خلال ثلاثينيات القرن الماضي المُضطربة، وهي ذات الفترة التي وجدت فيها الرسامة الألمانية النسخة الأصلية.
علي المُسلم ونينو المسيحية.. قصّة حب دمرها صديق غيور
وتروي حكاية الحب الأسطورية المذكورة في الراوية قصة علي هان شيروانشير وهو شاب مُسلم ينتمي إلى عائلة أذربيجانية نبيلة من أصل فارسي، ونينو كيبياني وهي أميرة مسيحية جورجية نشأت في روسيا وتلقت تعليمها في جينس عاصمة جمهورية أذربيجان الديمقراطية السابقة.
تعرف علي ونينو إلى بعضهما البعض في المدرسة التي كانا يدرسان بها معاً، وعلى مقاعدها نشأت قصّة حبهما.
في تلك الآونة لم يكن زواج شاب مسلم من فتاة مسيحية ذا صعوبة تذكر، لكنها مع الأسف تزامنت مع فترة تعتبر من أحلك الفترات التي شهدها العالم، وهي فترة الحرب العالمية الأولى 1914.
بعد بعض المشاورات اقتنعت العائلتان بزواج ابنيهما علي ونينو، ولكن بشرط أن يتم الزفاف بعد انتهاء نينو من دراستها التي تبقى لها عام كامل.
وعندما كانت الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، ظهر شخص أرميني يدعى هان نخاريان، والذي كان الصديق المقرب من علي.
بدأ نخاريان بلفت انتباه والد نينو إلى التهديد الروسي المتزايد للسلطة السياسية والاقتصادية على عائلة شيروانشير في إيران، وأن زواج ابنته منه قد يجلب لهم مشاكل مع الحكومة الروسية.
وعلى نحو غير متوقع، قام نخاريان باختطاف نينو والتوجه إلى مكان بعيد خارج باكو، وأقنعها بأنها ستكون معه بأمان مهما حدث في الحرب المندلعة آنذاك.
علي لم يقف مكتوف الأيدي، وعلى صهوة حصانه طارد سيارة صديقه الخائن نخاريان، فقام بطعنه حتى الموت، كما أنه تجاهل نينو وأمر أصدقاءه بعدم إيذائها.
هنا بدأت رحلة علي بالهرب من انتقام عائلة ناشريان ليختبئ في قرية جبلية في جبال داغستان.
بعد فترة قصيرة استطاعت نينو أن تصل إلى علي، لتقنعه بأنها ما زالت على حبها له، ليتزوجا ويعيشا مع بعضهما البعض في فقر مدقع.
التنقل بين باكو وطهران
مع مرور الأيام، جاءت الأخبار إلى علي ونينو التي تفيد بالإطاحة بالقيصر الروسي نيقولا الثاني، وتبخر حكومة باكو، ومغادرة عائلة ناشريان من أذربيجان باتجاه الأراضي الأرمينية، فقررا أن يعودا معاً إلى باكو.
كل شيء تغير عندما عادا إلى باكو، استعاد جيش القيصر باكو، ليقرر علي ووالده ونينو الذهاب إلى إيران؛ حيث يتمتع عم علي بمكانة مرموقة بجانب الشاه، لكن نينو لم تستطع التكيف مع الثقافة الفارسية.
عندما أصبحت باكو أكثر أماناً، عادوا جميعهم.
حصول علي على وظيفة هامة في الحكومة
بعد العودة إلى باكو، كانت القوات التركية قد سيطرت على المدينة، وأعلنت قيام جمهورية أذربيجان الديمقراطية رسمياً، فاستطاع علي أن يحصل على وظيفة مرموقة في الحكومة كلفه بها فتالي هان هويسكي، أول رئيس وزراء لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، وهي ملحق لمكتب أوروبا الغربية بوزارة الخارجية.
هنا انسحبت القوات التركية من البلاد وحلت مكانها قوات حماية بريطانية، التي عمل علي ونينو على مساعدتها بما أنهما يتحدثان اللغة الإنجليزية.
عودة القوات السوفييتية إلى باكو
مع انتهاء الحرب العالمية، انسحبت القوات البريطانية في أذربيجان، فوجد علي ونينو نفسهما مرة أخرى في منتصف الحرب، عندما اجتاح الجيش السوفييتي أذربيجان، مما دفعهما رفقة طفلتهما التي أنجباها حديثاً للهرب من باكو باتجاه مدينة كنجة حيث عزلوا أنفسهم هناك.
ولكن ما هي إلا فترة قصيرة حتى استطاع السوفييت أن يصلوا إلى كنجة؛ ما دفع نينو إلى أن تهرب رفقة طفلتها باتجاه جورجيا، لكنّ علي رفض المغادرة هذه المرة، ليقتل بعد إطلاق النار عليه أثناء قتاله ضد الجيش السوفييتي.
تقديراً لقصة الحب الأسطورية بين علي ونينو، ابتكرت الفنانة الجورجية تمارا كفيت أدزه تمثالاً يعبر عنهما، أطلق عليه اسم “تمثال الحب”.
بُني تمثالا علي ونينو المتحركان المصنوعان من الفولاذ في مدينة باتومي المطلة على البحر الأسود في جورجيا، إذ يتحركان بشكل يومي لمدة 10 دقائق باتجاه بعضهما البعض؛ ليندمجا بهيئة تمثال واحد قبل أن يبدآ بالابتعاد عن بعضهما البعض مرة أخرى، في إشارة إلى أنّه لا شيء دائم في الحب.
تم تصميم العمل في عام 2007، وتم تركيبه في عام 2010، وهو مصنوع من أقراص فولاذية، تزن 7 أطنان، بينما يبلغ ارتفاعه 8 أمتار.
استغرق بناء التمثال 10 أشهر ويتم التحكم في كلا الشكلين بواسطة جهاز كمبيوتر.
المصدر: عربي بوست