لم يكن ياسر حداد يتوقع حين وصوله إلى تركيا قبل 11 سنة، أن يتحوّل إلى رجل أعمالٍ مهم، فجُلّ اهتمامه حينها كان الهروب من الحرب في سورية والبحث عن مكان آمِن، والعمل في أي مهنة.
“ياسر حداد” (36 عاماً) شاب سوري من أهالي جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، جاء إلى تركيا عام 2011، حيث كان لا يحمل في جيبه سوى 80 ليرة تركية فقط.
بدأ كمترجم للمجموعات السياحية
حين وصل حداد إلى ولاية هاتاي التركية، قرر البحث عن عمل لكن فرص العمل الضئيلة هناك، دفعته للسفر إلى إسطنبول، وهناك فكر بالعمل في إحدى الشركات السياحية، كمترجم للمجموعات السياحية القادمة إلى تركيا، مستفيداً من لغته التركية الجيدة كونه تركماني الأصل.
يقول حداد لوسائل إعلام تركية: “جئت إلى منطقة تقسيم بإسطنبول كونها منطقة سياحية، وسألت الشركات واحدة تلو الأخرى، وكنت سأعمل بأي شيء يقولونه، حيث كان في جيبي 80 ليرة فقط، وبدأت العمل معهم كمترجم”.
خلال عمله تعرّف حداد على أهمية الترويج والإعلان للسياحة عبر السوشيال ميديا، فعمل على استثمار تلك الوسائل الحديثة في عمله، وتمكن من خلالها من خلق فرص عمل جديدة له، كما اجتهد على إتقان اللغة التركية بطلاقة.
كان في البداية يكسب الربح من خلال العمولات، حيث كان مثلاً يحجز للسائح غرفة فندقية بـ 100 يورو، يدفع للفندق 80 يورو ثمن الحجز، ويحصل على 20 يورو كعمولة.
الدخول في مجال السياحة الطبية
بعد عمله لفترة في مجال الترجمة للمجموعات السياحية، قرر الدخول في مجال السياحة الطبية، يقول حداد: “خطرت الفكرة في بالي بالصدفة، حيث ذهبت إلى أحد المشافي التركية التي يعمل فيها سوريون، لإجراء عملية زراعة الشعر، حينها اقترحت عليّ إدارة المشفى أن تقوم بتصويري خلال إجراء زراعة الشعر، ومن ثم نشرها كإعلان ترويجي على منصاتها”.
يضيف حداد: “خطرت في بالي فكرة، وهي أن أقوم بإنشاء حساب على تطبيق سناب شات وإنستجرام، وأقوم من خلاله بنشر صور وفيديوهات عن المناطق السياحية في إسطنبول، وبنفس الوقت اتفقت مع عدة مشافٍ طبية على أن أعمل معهم كوسيط، بحيث أحضر لهم زبائن وأحصل على عمولة”.
أصبح حداد يؤمن للعملاء القادمين من أجل زراعة الشعر أو إجراء عمليات تصغير المعدة، السيارات وحجوزات الفنادق والرحلات السياحية، وبعدها أصبح وسيطاً بين العملاء وشركات السياحة وتأجير السيارات وحجوزات الفنادق.
وتابع حداد حديثه قائلاً: “صرت أبحث عن احتياجات العملاء والسياح في تركيا، وأحاول إيجاد الحلول لهم، مثلاً كنت أقوم بتصوير الفنادق الجيدة وأرشد العملاء إليها، وبالتالي زاد عدد المتابعين لي على حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي.
زادت أرباح ياسر حداد شيئاً فشيئاً، فقام بشراء سيارته الأولى مقابل 12 ألف ليرة تركية، وفي غضون ذلك جاءت مجموعة من 30 شخصاً من قطر ومكثوا حوالي 11-12 يوماً في تركيا، وتركوا له مبلغاً جيداً من المال، وهذا المبلغ ساعده على الانطلاقة وتأسيس شركة خاصة.
تأسيس شركة خاصة
في عام 2014 أسس حداد شركة سياحية في إسطنبول، بفضل الدعم الذي تلقاه من أصدقائه، الذين ساعدوه بالترويج لشركته في مناطق الخليج العربي خاصةً في السعودية والإمارات.
يقول حداد: “أدركت أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق لشركتي، وركزت على تطبيقي سناب شات وإنستغرام كونهما الأكثر استخداماً في الخليج العربي، عكس تركيا التي تستخدم الفيس بوك بدرجة أكبر”.
تحدث حداد مع جهة تركية من أجل الترويج لشركته أيضاً، وقد وافقت وأدارت هذه الظاهرة، على أن يكون القدوم من السياح إلى تركيا عبر الخطوط الجوية التركية، ما ساهم في زيادة أرباحه.
يقول ياسر حداد: إن الشركة التي أسسها في إسطنبول، حققت مبيعات قدرها مليون ليرة تركية في الفترة الأولى، ويعمل بها حوالي 45 موظفاً بين سوريين وأتراك”.
تعليم تجربته للسوريين
الخبرة التي اكتسبها حداد في التسويق عبر السوشيال ميديا أراد نقلها إلى أبناء الجاليات العربية والسورية في تركيا، فبدأ بتقديم دورات مجانية في هذا المجال بهدف مساعدة الشباب في الاعتماد على نفسه، بحسب ما ذكره حداد.
وختم حديثه قائلاً: “لم أمضِ حياتي في المقاهي وإنما في العمل، دائماً كان شعاري في الحياة هو العمل، وكنت أحرص على وضع الأموال التي أتلقاها جانباً، لاستثمارها في التجارة، بدلاً من إضاعتها في أمور ثانوية، وهو ما ساعدني أن أصبح مليونيراً”.
تمكن السوري “ياسر حداد” من تحقيق نجاح لافت بعد رحلة نضال طويلة، بدأها من سوري مقيم على الأراضي التركية لا يملك سوى القليل من المال، إلى رجل أعمال يمتلك شركته الخاصة.
يُذكر أن آلاف السوريين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم، يحققون نجاحات لافتة في أعمالهم، ويتحولون إلى قصص نجاح ملهمة تتصدر وسائل الإعلام.