يراهن خبراء الطاقة على أن الهيدروجين يمكن أن يشكل إضافة قيمة إلى الطاقات النظيفة الخالية من الكربون، بعد أن شهدت تكنولوجيا الطاقة جهودا بحثية في تطوير آلية إنتاج الهيدروجين التي تتم عادة بواسطة عملية التحليل الكهربائي للماء.
وفي هذا السياق، نشرت دورية “نيتشر” (Nature) في عددها الصادر يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي دراسة أنجزها فريق من الباحثين من جامعة سنغافورة الوطنية اكتشفوا فيها آلية جديد لتفكيك المياه لإطلاق الهيدروجين في عملية التحليل الكيميائي، وذلك باستخدام الضوء.
ومن المتوقع أن يحدث هذا الاكتشاف الجديد ثورة في طريقة تفكيك المياه لإطلاق غاز الهيدروجين، وأن يساعد على توفير الطاقة الهيدروجينية بشكل وافر ومستديم وأنظف للبيئة، وأن يفتح آفاقا متعددة لتطبيقاته الراهنة والمستقبلية.
الباحثون اكتشفوا آلية جديدة لتفكيك المياه لإطلاق الهيدروجين في عملية التحليل الكيميائي (جامعة سنغافورة الوطنية)
استخدام الضوء محفزا
تعتبر طريقة إنتاج الهيدروجين في المختبرات بواسطة عملية التحليل الكهربائي للماء الطريقة الشائعة في الحصول على الهيدروجين، والتي تتم عن طريق تمرير تيار كهربائي في وسط مائي مغموس فيه قطبان كهربائيان، أحدهما يسمى “الكاثود” وهو القطب السالب، والآخر يسمى “الأنود” وهو القطب الموجب.
وعند توصيل القطبين بمصدر كهربائي تمر الكهرباء في الماء من خلال القطبين ويؤدي ذلك إلى تفكك جزيئاته، حيث يتشكل نتيجة لذلك غاز الهيدروجين على الكاثود، في حين يتشكل الأكسجين على الأنود.
ويتم تسريع عملية التحليل الكهربائي بواسطة التحفيز الذي يتم باستعمال مادة كيميائية تسمى الحفّاز تضاف بكميات قليلة إلى التفاعل الكيميائي بهدف تسريعه دون أن تتغير خواص المواد الكيميائية، بحيث تكون قادرة على تحسين كفاءة التحليل الكهربائي للماء وزيادة سرعة التفاعل الكيميائي عن طريق خفض طاقة التفاعل أو تنشيطه دون أن يحدث فيها تغيير كيميائي دائم.
ووفقا للبيان الصحفي الصادر عن جامعة سنغافورة الوطنية، فقد وجد الفريق البحثي من قسم علوم وهندسة المواد التابع لكلية التصميم والهندسة أن الضوء يمكن أن يطلق آلية جديدة في مادة تحفيزية مستخدمة على نطاق واسع في التحليل الكهربائي للماء، والنتيجة هي طريقة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة للحصول على الهيدروجين.
الضوء يؤدي إلى تحسين كفاءة التحليل الكهربائي للماء وعملية إطلاق الهيدروجين (غيتي إيميجز)
اكتشاف بالصدفة
وكما ورد في البيان فقد توصل الفريق إلى هذا الاكتشاف بالصدفة، فعندما كان الباحثون يجرون تجاربهم على التحليل الكهربائي في خلية تستخدم فيها مادة النيكل أوكسي هيدروكسيد حدث -بشكل غير مفاجئ- انقطاع للتيار الكهربائي عن طريق الخطأ، مما أدى إلى إطفاء جميع الأضواء في المختبر.
وبالعودة في اليوم التالي لتلك الليلة الاستثنائية عندما انطفأت الأنوار وجد الباحثون أن أداء طاقة تفاعل مادة النيكل أوكسي هيدروكسيد في خلية التحليل الكهربائي قد انخفض بشكل كبير.
يقول رئيس الفريق البحثي الأستاذ المساعد زيو جون مين “اكتشفنا أن مركز الأكسدة والاختزال للتفاعل التحفيزي الكهربائي يتم تبديله بين المعدن والأكسجين نتيجة للضوء، وهذا يؤدي إلى تحسين كفاءة التحليل الكهربائي للماء إلى حد كبير”.
ويضيف جون مين أن “هذا الانخفاض في الأداء لم يلاحظه أحد من قبل، لأنه لم تتم تجربته سابقا في الظلام”.
وبهذه النتيجة يكون الباحثون قد تعرفوا على الدور الذي يلعبه الضوء لتحفيز عملية التفاعل الكهربائي وفي تفكيك الماء وإنتاج الهيدروجين بشكل أكثر كفاءة، لهذا شرعوا في إجراء العديد من التجارب المتكررة لاختبار الأمر.
ومن أجل تطوير هذا الاكتشاف يعمل الباحثون في الوقت الحالي على طرق جديدة لتحسين العمليات الصناعية لتوليد الهيدروجين، مثل جعل الخلايا التي تحتوي على الماء شفافة وذلك لإدخال الضوء في عملية تفكيكه.
وحسب بيان الجامعة، فإن من أبرز نتائج هذا الاكتشاف أن استخدام الضوء محفزا في عملية التحليل الكهربائي سيؤدي إلى تسهيلها واستهلاك طاقة أقل، كما سيؤدي الى إنتاج المزيد من الهيدروجين في فترة زمنية أقصر.
المصدر: aljazeera.net