رؤية الماضي باستعمال تلسكوب جيمس ويب
في 12 يوليو عام 2022، كتب تلسكوب جيمس ويب الفضائي التاريخ بالتقاطه صورًا وُصفت بأنها أعمق وأدق صور التُقطت حتى الآن.
إن ما يُميز تلسكوب جيمس ويب رصده للفضاء أبعد من أي مرصد آخر قبله، واستطاعته رصد نجوم المجرات البعيدة كما كانت منذ 13.5 مليار سنة عند بداية الكون؛ أي يستطيع النظر عبر الزمن أبعد من أي مرصد آخر.
إنه لأمر عجيب لكل المهتمين بالفضاء والفلك، إن عودة هذه الآلة بالزمن ليس سحرًا؛ بل هي طبيعة الضوء فقط.
أوضح علماء ناسا أن التلسكوبات تعمل بمثابتها آلات الزمن، فالنظر إلى الفضاء مثل النظر إلى الماضي عبر الزمن، ويعد البعض أن عمل التلسكوب عملًا سحريًا لكنه في الواقع ليس سوى عملية بسيطة جدًا أساسها الضوء، الذي يستغرق بدوره زمنًا طويلًا للسفر عبر مسافات الفضاء الطويلة وصولًا إلينا.
عمومًا، إن كل ضوء يُرى سواء كان وميض النجوم البعيدة أو الوهج من مصباح المكتب، يستغرق وقتًا محددًا للوصول إلى العينين.
يتحرك الضوء بسرعة كبيرة جدًا تبلغ نحو مليار كيلومتر في الساعة؛ لذا لن يُلاحظ انتقاله من مصباح المكتب إلى العينين.
عند النظر إلى أجسام تبعد الملايين أو المليارات من الكيلومترات مثل معظم الأجسام التي تظهر في سماء الليل، فإننا نرى ضوءًا قطع مسافات طويلة جدًا للوصول إلينا.
مثلًا، تبعد الشمس نحو مليون كيلومتر عن كوكب الأرض، ما يعني أن الضوء يستغرق نحو 8 دقائق و20 ثانية ليسافر من الشمس إلى الأرض.
عند النظر إلى الشمس (مع أنه لا ينبغي لنا أبدًا النظر إليها مباشرة)، فإننا نراها كما بدت قبل أكثر من 8 دقائق وليس كما تبدو الآن، بعبارةٍ أخرى، نحن ننظر إلى الماضي بعد 8 دقائق و20 ثانية.
تُعد سرعة الضوء مهمة جدًا لعلم الفلك، إذ يفضّل العلماء استخدام السنوات الضوئية بدلًا من الأميال أو الكيلومترات وذلك لقياس المسافات الكبيرة في الفضاء.
تُعرّف السنة الضوئية: المسافة التي قد يقطعها الضوء في السنة الواحدة وتقدر بنحو 9.46 تريليون كيلومتر.
مثلًا، نجم الشمال بولاريس، الذي يقع على بعد 323 سنة ضوئية من الأرض. كلما رأينا هذا النجم يجب علينا التذكر أننا نرى صورة عمرها أكثر من 300 سنة.
لا نحتاج إلى تلسكوب لرؤية الماضي، يمكننا القيام بذلك بأعيننا فقط؛ للنظر بعيدًا إلى الماضي فإن علماء الفلك سيلجؤون إلى تلسكوبات حديثة مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
لا يقتصر عمل تلسكوب جيمس ويب الفضائي على تكبير المجرات البعيدة ومراقبة الضوء المرئي الصادر عنها من ملايين السنين الضوئية، بل يمكنه أيضًا التقاط الأطوال الموجية للضوء غير المرئي للأعين البشرية، مثل موجات الأشعة تحت الحمراء.
تنبعث الحرارة من العديد من الأشياء، بما في ذلك البشر، وأحد أشكال هذه الحرارة الأشعة تحت الحمراء.
لا تُرى هذه الطاقة بالعين المجردة، لكن عند عرض موجات الأشعة تحت الحمراء عبر معدات مناسبة فيمكنها الكشف عن بعض الأمور التي يُصعب العثور عليها في الكون.
لأن الأشعة تحت الحمراء لها طول موجي أطول بكثير من الضوء المرئي، فهي تستطيع أن تعبر مناطق كثيفة مغبرة من الفضاء دون أن تتشتت أو تُمتص.
وفقًا لوكالة ناسا، العديد من النجوم والمجرات التي تكون بعيدة أو خافتة أو مخفية، ينبعث منها طاقة حرارية يمكن الكشف عنها كالأشعة تحت الحمراء.
هذه واحدة من أفضل مزايا تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وباستخدام أجهزة الاستشعار الخاصة بالأشعة تحت الحمراء، يستطيع تلسكوب جيمس ويب الفضائي مراقبة المناطق المغبرة من الفضاء لدراسة الضوء الذي انبعث منذ أكثر من 13 مليار سنة من أقدم النجوم والمجرات في الكون.
المصدر: أنا أصدق العلم