لماذا يظهر الناس في الصور القديمة بدون ابتسامة؟
جميعنا اليوم يلتقط العديد من الصور بشكل يومي، فتطبيقات الاتصال والتصوير الحديثة سمحت لنا توثيق أكثر لحظاتنا جنونًا، لكن الأمر كان مختلفًا تمامًا قديمًا.
فإذا قمت بالبحث والاستطلاع لمجموعة من الصور القديمة، ستلاحظ أن الأشخاص فيها لا توجد لديهم انفعالات أو حركات، وهم أقرب إلى وضع التجمد.
هذا ما يدفعنا للتساؤل، عن سبب عدم ابتسام الناس في الصور قديماً؟ وما الذي يمنعهم من ذلك؟
الابتسامة في الصور القديمة
السبب باختصار أن هؤلاء الناس كانوا يخشون من أن الابتسامة تجعلهم يبدون أكثر غباء وسخافة! لكن كان الاعتقاد لدى البعض بأن الناس كانوا يحجمون عن الابتسامة
لإخفاء أسنانهم المفقودة أو العفنة، والتي كانت شائعة جدًا قبل أيام طب الأسنان الحديث.
ليس بالضرورة أن تبتسم بفم مفتوح
تبيّن أن ذلك لم يكن صحيحًا، فمن الممكن أن تبتسم دون أن تفتح فمك، كما أن الأسنان السيئة كانت أمرًا عاديًا في ذلك الوقت، فليس بالضرورة أنها كانت تجعل الشخص
يبدو غير جذاب، فقد كان رئيس الوزراء البريطاني عام 1855 “لورد بالمرستون” يعتبر حسن المنظر على الرغم من فقدانه لعدد من أسنانه.
إذاً ما السبب وراء ذلك؟!
بدحض نظرية الأسنان، كان هناك تفسير آخر لسبب امتناع الناس عن الضحك وهو الأكثر قبولًا، والذي يتعلق باستغراق التقاط الصورة في الكاميرات القديمة وقتًا طويلًا
قد يتراوح بين 5 دقائق إلى 30 دقيقة! فأن تبقى هذه المدة الطويلة أمام الكاميرا أمر غير مريح.
وقد يصعب على البعض الحفاظ على الابتسامة خلال هذا الوقت، لكن هذا الأمر لم يتغير حتى حين أصبح التصوير في منتصف القرن التاسع عشر يستغرق أقل من دقيقة.
تقليد اللوحات المرسومة
قبل اختراع آلة التصوير كان أصحاب النفوذ يتوارثون صورهم عن طريق لوحات مرسومة من قبل أمهر الرسامين، وبالطبع كانت الابتسامة عند الطبقات المخملية مستهجنة
في العلن من أجل المحافظة على رصانتهم وصرامتهم أمام شعبهم.
وبالتالي حاول الناس تقليد تلك اللوحات عن طريق التَّشبه بأفعالهم، فنجد مثلًا أن الابتسامة لم تصبح شائعة إلا بعد حلول عام 1920 حيث بدأت التكنولوجيا خطواتها نحو الأمام.
الابتسامة في الصور القديمة
تبيّن أن الناس لم يكونوا يبتسمون خوفًا من أن ذلك يجعلهم يظهرون في مظهر الأغبياء، حتى أنك تجد أن الكاتب الأمريكي “مارك توين” لم يحبذ فكرة الابتسامة في الصور.
فيقول “الصورة أكثر الوثائق أهمية، وليس أكثر جنونًا من الانتقال إلى الأجيال الأخرى بابتسامة سخيفة وغبية تبقى للأبد”.
وبحسب الكاتب “نيكولاس جيفس” الذي كتب مقالًا كبيرًا عن هذا الموضوع والذي قال إنه خلال القرن السابع عشر كان معروفًا أن من يبتسم في الحياة والفن، هم:
الفقراء، والفسقة، والسكيرين، والجهلة، وفي الترفيه!
الابتسام أمام الكاميرا لم يكن شيئًا فطريًا
تقول الأستاذة كريستينا كوتسيميدوفا، مدرسة الثقافة والتواصل والتي كتبت مقالًا في تاريخ الابتسامات في التصوير الفوتوغرافي “من الطبيعي اليوم أن تبتسم من أجل صورة
لكن الابتسام بشكل عام أمام الكاميرا لم يكن شيئًا فطريًا، أو استجابة غريزية حينها”.
متى بدأنا نبتسم في الصور؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعود بالتاريخ إلى عام 1900 م، أي إلى الفترة التي تم فيها اختراع كاميرا براوني، وهي الكاميرا الأولى التي استطاع عامة الشعب الحصول عليها
بأسعار معقولة حينها، وبهذا الانتشار لآلة التصوير أصبحت الصور أكثر عفوية وتلقائية.
الصور العفويّة والصور الإعلانيّة
ومن هنا بدأ الناس بتفضيل صور الهواة والصور العفوية التي تلتقط تعبيراتهم البسيطة والمبهجة، كما أن ظاهرة الابتسامة العريضة بدأت بالظهور في أمريكا،
حيث لعب الإعلان دورًا رئيسيًا في انتشاره، عن طريق استخدام أشخاص ضمن المواد الإعلانية يبتسمون ابتسامات عريضة كدليل على سعادة ورضا المستهلك بالمنتج المعروض.
الابتسامة تنشر طاقة إيجابيّة
وأكدت الدراسات أن الابتسامة تنشر طاقة إيجابية تصل للمتلقي بشكل أسرع وأكبر من الكلام، وبالتالي كانت هذه الإشارات التجارية سببًا في التأثير على الآخرين
وتقبلهم للأشخاص المبتسمين بصورة أكبر من الأشخاص الجادين.
علاق الابتسامة بالصور بمدى السعادة
يقول ترامبل: “لقد ابتسم الناس في تاريخ البشرية وضحكوا وتصرفوا بشكلٍ أو بآخر بطبيعية وعفوية كما يفعلون اليوم، والشيء المختلف جذريًا اليوم هو الأداء والعرض العام”.
أي أن الناس في القرن التاسع عشر ربما كانوا سعداء طوال الوقت لكن تقديرهم لالتقاط الصور كان موضوعًا في إطار الجدية أكثر.
وبالتالي يمكننا القول إن الدرس الأكثر أهمية في دراسة الابتسامات التاريخية، سواء كان الناس يبتسمون في الصور أم لا، لا علاقة له بمدى سعادتهم أو بؤسهم.