جفاف الأنهار غير المسبوق يكشف عن آثارا تعود لمئات القرون وينذر الأرض من مستقبل مجهول
كشف جفاف أحد أنهار ولاية تكساس الأميركية عن آثار أقدام كان الماء يخفيها سابقا، تعود لديناصورات عاشت قبل نحو 113 مليون سنة على الأرجح.
ويضاف هذا الكشف إلى مجموعة من الآثار التي أزيح الستار عنها بفضل موجة الجفاف التي تضرب مناطق واسعة من الأرض بعدما ظلت مجهولة لقرون طويلة.
ويبدو أن الآثار العميقة كانت مطمورة سابقا بالماء ومليئة بالرواسب التي ساهمت في حفظها، إلا أن “ظروف الجفاف الحاد هذا الصيف أدت إلى تجفيف معظم نهر بالوكسي، مما كشف عن آثار جديدة”، بحسب مسؤولة إدارة المتنزهات والحياة البرية في تكساس ستيفاني ساليناس غارسيا.
وأدخل هذا الاكتشاف السعادة إلى قلوب العاملين في منتزه وادي الديناصورات الحكومي (Dinosaur Valley State Park) قرب مدينة دالاس، الذي أطلق عليه هذا الاسم بالنظر إلى وجود عدد كبير من آثار الديناصورات فيه.
وقد يكون الاكتشاف الجديد أحد أطول سلاسل آثار أقدام الديناصورات في العالم، وفقا لإدارة المنتزه الذي افتتح عام 1972 لحماية الآثار القديمة، والتي نشرت صورا بدا فيها متطوعون يعملون على تنظيف آثار الأقدام لتظهر بوضوح أكبر.
غارسيا قالت إن “معظم الآثار التي اكتُشِفَت أخيراً في مواقع مختلفة من النهر في الحديقة تعود إلى ديناصور من نوع أكروكانثوصور”، وهو من وحشيات الأرجل ويمكن أن يبلغ طوله 5 أمتار ووزنه 7 أطنان، بينما تعود مجموعة أخرى إلى ديناصورات من نوع “سوروبوسيدون” التي يمكن أن يصل طولها برقبتها الطويلة إلى 18 مترا ووزنها إلى 44 طنا عند بلوغها.
وأشارت إلى أن “تاريخ آثار الديناصورات في المتنزه يعود إلى 113 مليون سنة”، داعية المهتمين إلى الإسراع في الاطلاع على الآثار الجديدة قبل أن تهطل الأمطار وتغمرها المياه مجددا.
آثار وتحذيرات
انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة لفترات طويلة، تسببا في موجات جفاف غير مسبوقة ضربت العديد من البلدان؛ فخلال الأسابيع القليلة الماضية تحولت أوروبا إلى ما يشبه كرة من اللهب، وسجّلت درجات حرارة قياسية أدت لتراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة، وحولت المساحات الخضراء إلى أراض جرداء، بل إنها كشفت عن تحذير من أسلافنا بشأن فترات البؤس والشقاء.
“إذا رأيتني، فلتبكِ”
واحدة من عبارات منقوشة منذ قرون على صخور تسمى “حجارة الجوع” في أوروبا.. هل سمعتم بها؟
مؤخراً تداولت مواقع إخبارية ظهور بعض هذه الحجارة في أوروبا بسبب جفاف بعض الأنهار. pic.twitter.com/XYM1WCP2XF— AJ+ عربي (@ajplusarabi) August 18, 2022
حجارة الجوع
انحسار مياه نهر “إلبه” بمنطقة ديسين في التشيك، كشف عما يسمى بـ “حجارة الجوع”، وهي صخور في مجرى الأنهار لا يمكن رؤيتها إلا عندما تكون مستويات المياه منخفضة للغاية.
ونُقشت على هذه الحجارة رسائل تركها الناس في العصور السابقة عن الكوارث التي سببها نقص المياه، في تذكير صارخ بالصعوبات التي واجهوها خلال فترات الجفاف السابقة، وفقا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي BBC).
تعود هذه النقوش إلى عقود وقرون سابقة، كما هو موضح على حساب “باتاليتاس” في موضوع نُشر في الثامن من أغسطس/ آب الحالي وانتشر على نطاق واسع قبل نحو أسبوعين.
ويعود تاريخ أقدم نقش عُثر عليه في حوض نهر إلبه إلى عام 1616، وهو مكتوب باللغة الألمانية. ويقول النص المكتوب على الحجر “إذا رأيتموني فابكوا”.
ويُعد “حجر الجوع” هذا هو الأبرز بشكل خاص، لأنه يحتوي أيضا على تواريخ الجفاف الشديد على سطحه.
ووفقا لدراسة أجراها فريق من علماء الآثار التشيكيين في عام 2013، يُمكن قراءة السنوات 1417 و1616 و1707 و1746 و1790 و1800 و1811 و1830 و1842 و1868 و1892 و1893 على الحجر.
وهناك نقش على أحد الصخور الأخرى يقول “ستزدهر الحياة مرة أخرى بمجرد اختفاء هذا الحجر”.
ويقول نقش آخر “الشخص الذي رآني ذات مرة، بكى. ومن يراني الآن سيبكي”.
ويقول ثالث “إذا رأيت هذا الحجر مرة أخرى، فسوف تبكي. هكذا كانت المياه ضحلة في عام 1417”.
جفاف نهر بو الذي يعد أطول أنهار إيطاليا (غيتي)
حطام ومتفجرات
كما كشف انخفاض منسوب المياه في نهر الدانوب بصربيا الحطام الغارق لسفن تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، لا تزال محملة بالمتفجرات.
وكانت السفن التي عُثر عليها قرب بلدة “براهوفو”، جزءا من أسطول نازي أغرق في العام 1944، ومن المتوقع أن يظهر المزيد منها مع استمرار موجة الجفاف الحالية.
وفي إيطاليا أدى جفاف الأنهار إلى العثور على ذخائر غير منفجرة في نهر “بو”، من بينها قنبلة من الحرب العالمية الثانية ظلت مغمورة تحت الماء.
وقد قام خبراء المتفجرات بإبطال مفعول القنبلة التي تزن 450 كيلوغراما، وذلك عقب إجلائهم حوالي 3 آلاف شخص من إحدى القرى قرب مدينة “مانتوا” في يوليو/ تموز الماضي.
وفي إسبانيا، ظهرت آثار مدافن حجرية قديمة جدا أو ما يمكن أن نطلق عليه “ستونهنغ إسباني” في حوض مياه “فالديثاناس” في محافظة “كاثيريس” وسط البلاد.
ويعتقد بأن دوائر الحجارة هذه، التي يطلق عليها رسميا اسم “مدافن غوادالبيرال”، يعود تاريخ بنائها إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد.
وكانت قد اكتُشفت على يد عالم آثار في العام 1926، لكن المنطقة غرقت في المياه في مشروع للتنمية الريفية في العام 1963.
يشار إلى أن القارة الأوروبية تعيش حالة من الجفاف غير المسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة، وفق ما أعلن مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية.
المصدر: الجزيرة + الفرنسية + بي بي سي + مواقع إلكترونية