لماذا يتهافت العالم على الخيول العربية الأصيلة دون غيرها وما هي الأسباب التي جعلتها من أفضل أنواع الخيول في العالم؟
تعتبر الخيول العربية الأصيلة واحدة من أشهر سلالات الخيول على مستوى العالم أجمع، حيث تمتاز بضخامة الهيكل وقوة القوائم والجسم المقعر وتقوس الرقبة.
وكما هو واضح من مُسماها فإن سلالة الخيول العربية تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط، ويحرص هواة ممارسة الفروسية وتربية الخيول حول العالم على اقتناء ولو فرس واحد من تلك الخيول.
ترى لماذا ؟ وما سر شهرتها؟ وما الذي يميز الحصان العربي عن سلالات الخيول الأخرى؟
عوامل تميز الخيول العربية الأصيلة :
تتوفر في الخيول العربية العديد من العوامل المميزة لها والتي كفلت لها التفوق ومنحتها الأفضلية على السلالات الأخرى، من أبرز تلك العوامل ما يلي:
يمتاز بالصحة الجيدة :
كشفت الدراسات والأبحاث العلمية التي أجريت على مختلف سلالات الخيول أن سلالة الخيول العربية الأصلية تمتاز عن غيرها بالصحة الجيدة، حيث أكدت تلك الدراسات أن معدلات الشفاء لدى الحصان العربي أسرع بنسبة كبيرة مقارنة بغيره من أنواع الخيول الأخرى، والأمر هنا لا يقتصر على الشفاء من الأمراض الفيروسية فحسب بل أن الجروح وكسور العظام تُشفى بصورة أسرع لدى الخيول العربية.
وقد لاحظ بعض العلماء أن بعض الأحصنة العربية التي تعرضت لكسور في العظام وتم علاجها بصورة خاطئة كانت قادرة في النهاية على القيام بمختلف واجباتها واحتفظت بقدرتها على الركض والقفز.
أرجع العلماء السر في الصحة الجيدة التي تتمتع بها مجموعات الخيول العربية لعدة أسباب، لكن أبرزها هو ضخامة القفص الصدري لدى تلك الخيول وسعة القصبة الهوائية لديه مقارنة بحجم كتلة جسمه ككل، مما يساعده على إدخال كميات أكبر من غاز الأكسجين إلى جسمه مع كل شهيق.
كما وجدت الدراسات المخبرية أن دماء الخيل العربي تحتوي على نسب مرتفعة من مادة اليحمور -أحد العناصر الرئيسية في دم الفقاريات- مقارنة بغيرها من السلالات.
التفاعل مع الموسيقى :
يعد الحصان جزءاً أصيلاً من التراث الثقافي والشعبي لدى أغلب الشعوب العربية، كما يتم الاعتماد عليه بصورة كبيرة في تقديم العروض الاستعراضية المختلفة والتي تسمى “الرقص بالحصان”، حيث يقوم الفارس بامتطاء الجواد الذي يقوم بدوره بأداء مجموعة من الحركات الإيقاعية المتماشية مع نغمات الموسيقى ودقات الدفوف، ولا تزال تلك العروض تقدم في عدد كبير من الأقاليم العربية خلال الاحتفالات الشعبية والدينية والأعراس الشخصية أيضاً.
كان الاعتقاد السائد لدى الكثيرين أن عروض رقص الخيول ترجع في الأساس إلى مهارة الفارس ومدى قدرته على التحكم في حركة الحصان وإيقاعها، ورغم أن ذلك القول صحيح إلا أنه منقوص، حيث لا يمكن للفارس تأدية تلك العروض المميزة إلا إذا كان يمتطي أحد الخيول العربية الأصلية أما إذا كان يقود فرساً آخر سيكون الأمر بالغ الصعوبة بالنسبة له؛ حيث أن الحصان العربي بطبيعته يمتلك حساً فنياً عالياً ويطرب إلى الموسيقى ومن ثم يكون أكثر تفاعلاً معها ويسهل مهمة الفارس أثناء تأدية الاستعراضات الراقصة.
القوة والقدرة على التحمل :
تمتلك الخيول العربية قدرة عالية على الصبر وتحمل المتاعب والمشقات ويعد ذلك أحد أبرز العوامل التي تميزها عن غيرها من السلالات الأخرى، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الحصان العربي لا يستسلم بسهولة إلى التعب والإرهاق، ولذلك هو الأفضل والأنسب للاستخدام في سباقات الخيول طويلة المدى.
بدأ الاهتمام بدراسة قدرات الخيول في أوائل القرن العشرين ولفتت الخيول العربية الانتباه في أول سباقات الخيول طويلة المدى، والذي أقيم في الولايات المتحدة في عام 1917 وكان بطول 245 كيلو متراً تقريباً، وقد فاز بذلك السباق حصاناً عربياً، وفي الأعوام التالية زاد منظمي السباقات من درجة صعوبتها حيث جعلوا الأرض مفروشة بالحصى وكذلك أضافوا أوزاناً ثقيلة إلى ظهور الأحصنة أثناء السباق، إضلا أن كل ذلك لم يؤثر على قدرة الحصان العربي الذي ظل دائماً في المقدمة مثبتاً بشكل قاطع أنه الحصان الأقوى والأكثر صبراً والأقدر على تحمل الصعاب والركض فوق الطرق الوعرة.
تحمل الجوع والعطش :
أثبتت بعض الدراسات أن الخيول العربية تتشارك بعض الصفات مع الجمال ومن أبرزها القدرة العالية على تحمل الجوع والعطش، والتحمل هنا لا يقصد به فقط الاستمرار على قيد الحياة رغم قلة الطعام والماء فحسب، بل يقصد به قدرة الحصان العربي على الاستمرار في ممارسة مختلف المهام والأنشطة التي يتم توجيهه إليها بنفس الكفاءة وإن قلت كميات الطعام والماء التي يحصل عليها يومياً، ويرى العلماء أن سلالة الخيل العربي قد اكتسبت تلك العربية من البيئة القاسية التي تعيش بها في الصحاري القاحلة.
أجمع ذوي الخبرة في مجال تربية الخيول على أن الخيول العربية يمكنها الاكتفاء بقليل الطعام كما أنها أكثر انتفاعاً بالعلف مقارنة بغيرها من السلالات، حتى أن عدد من الخيل العربي المشارك في السباقات ذات المسافات الطويلة لم يكن يستهلك إلا 60% فقط من حجم حصة الطعام المقررة له وعلى الرغم من ذلك كانت الأكثر قوة في مضمار السباق وأحرزت المراكز الأولى.
التمتع بالشجاعة والخصال الحميدة :
القوة العضلية والقدرة على تحمل مشقة الطرق الوعرة وتحمل شدة الجوع والعطش جميعها عوامل تميز الخيول العربية وتمنحها الأفضلية بالتأكيد، إلا أن العامل الأكثر تميزاً هو ما تتمتع به تلك الخيول من خصال أبرزها الشجاعة والإقدام وعدم الخوف من المخاطر، ولعل ذلك ما كان يرجح كفة العرب في الحروب القديمة، حيث كان الحصان هو المركبة الحربية الأوسع انتشاراً -قبل اختراع الطائرات والدبابات- وكان أحد العوامل الأساسية التي ترجح كفة أحد الجانبين على الآخر، بل أن بعض العلماء يرون أن الاستخدامات الحربية كانت أحد الأسباب المباشرة التي دفعت الإنسان إلى استئناس الحيوانات.
يؤكد علماء الأحياء أن سلالات الخيول العربية تتمتع بشجاعة منقطعة النظير ولا توجد سلالة خيول أخرى ترتقي حتى للمقارنة معها في تلك النقطة، حيث أن الشجاعة تعد صفة أصيلة في الحصان العربي ولا يكتسبها بفعل التدريب أو التجربة، ويقول العلماء أن ذلك الحصان لا يخشى شيئاً بما في ذلك الضواري المفترسة مثل الأسود والنمور وغيرها، ولذلك كان يعتمد عليه الهنود قديماً في اصطياد تلك الحيوانات.
الفطنة والذكاء الحاد :
تعرف الخيول العربية بالفطنة وما تتمتع به من ذكاء حاد، حيث أن الحصان العربي أكثر قدرة على تذكر الطرق التي يمر منها وكذلك يمتلك قدرة على تذكر الأشخاص الذين يتعامل معهم، كما أن ذلك الذكاء الذي يتمتع به يجعل عملية ترويضه وتدريبه أكثر سهولة ويسراً.
ولا يقف الأمر عند ذلك الحد بل أن من مزايا الحصان العربي أنه يحافظ على رباطة جأشه وإعمال عقله حتى في أقسى الظروف بما في ذلك ميادين المعارك، حيث أن الحصان يبقى متذكراً الجانب الذي جاء منه ويعود إليه تلقائياً حال تعرض الفارس الذي يمطتيه للأذى، وحتى إذا أصيب الحصان نفسه بالجروح يبقى محافظاً على تركيزه، ولذلك كان يعتبر الفرسان قديماً أن الحصان العربي في أرض المعركة لا يقل أهمية عن الدروع حيث أن كلاهما يوفر فرصة أكبر للنجاة.
الخصوبة :
يمتاز الحصان العربي بدرجة عالية من الخصوبة وهو ما يجعله السلالة المفضلة بالنسبة للعدد الأكبر من هواة تربية الخيول، حيث كشفت الدراسات العلمية أن نسبة إصابات العقم في ذكور وإناث الخيول العربية الأصيلة منخفضة جداً لدرجة يمكن معها اعتبارها معدمة.
يمتاز الحصان العربي بعدم تأثر خصوبته رغم التقدم العمري حيث أن ذلك الحصان قادر على الاستمرار في التناسل لفترات طويلة، ولذلك بعض الجياد العربية تنجب عشرين مهراً أو أكثر وهو أمر نادر الحدوث بالنسبة للسلالات الأخرى، كما أن بعض الخيول العربية حين تتقدم في السن يتم استخدامها لأغراض التناسل فقط.
المصدر: لماذا