وحدة شمسية تولد الكهرباء والحرارة في آن واحد.. تقنية مُجربة في الخليج (صور)
نجح العلماء في تطوير وحدة شمسية مبتكرة قادرة على ما يمكن أن يُطلق عليه “اصطياد عصفورين بحجر واحد” عبر توليد الكهرباء النظيفة وإنتاج الطاقة الحرارية في الوقت نفسه.
وبتلك التقنية يمكن القضاء على عدد من التحديات المقترنة بتوليد الطاقة الشمسية، من بينها الطبيعة المتقطعة لهذا المصدر النظيف من الطاقة الذي يعتمد على الطقس والوقت من اليوم، وكذلك استغلال ما تبقّى من الإشعاع الشمسي الذي كان يُهدَر في شكل حرارة بعد توليد الكهرباء.
واستأثرت الألواح الشمسية بـ3 أرباع سعة الطاقة المتجددة المركبة عالميًا خلال العام المنصرم (2023)، ويعتقد الكثيرون أن التقدم السريع المُحرز في تعزيز كفاءة الخلايا الشمسية يضع الصناعة على أعتاب “ثورة شمسية مقبلة”، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وحدة شمسية متطورة
طوّر فريق عالمي من المتخصصين، بقيادة الباحث أرمين بوشرويتنر من جامعة غراتس للتكنولوجيا (Graz University of Technology)، في النمسا، وحدة شمسية لديها القدرة على توليد الكهرباء والحرارة في آن واحد، فيما يُعدّ طفرة محتملة لتوليد الكهرباء النظيفة المستدامة منخفضة التكلفة، وفق بيان منشور بالموقع الرسمي للجامعة.
وتتألف الوحدة الشمسية من مرآة مقعرة على شكل حوض وأنبوب زجاجي مملوء بالخلايا الشمسية، وعندما تسقط أشعة الشمس على الوحدة، تعكسها المرآة على الأنبوب، ما يَنتُج عنه توليد الكهرباء.
ويعني حوض القطع المكافئ ذلك النوع من المُجمِعات المُستعمَلة في محطات الطاقة الشمسية؛ إذ يُستعمَل عاكس (سطح عاكس) قطع مكافئ على شكل حوض لتركيز أشعة الشمس على أنبوب معزول، أو أنبوب تسخين، وضِع عند نقطة الاتصال، ويحتوي الحوض على سائل تبريد يعمل على نقل الحرارة من المُجمِعات إلى الغلايات في محطة توليد الكهرباء.
وتُصمم تلك التقنية بالطريقة نفسها التي يمكن من خلالها نقل الطاقة الحرارية المهدرة المُنتَجة من الخلايا الشمسية، إلى سائل نقل حرارة يتدفق على طول الجزء الخلفي من الخلايا في نظام الأنابيب.
ومن الممكن أن تساعد تلك التقنية على توليد الطاقة الحرارية والكهربائية في وقت واحد، كما يمكن استعمالها لأغراض متنوعة، مثل التدفئة النظيفة، وتبريد المباني، أو حتى في صناعة الأغذية والمنسوجات.
يتدفق سائل التبريد على طول الجزء الخلفي من الخلايا الشمسية، ويمتص، ويستعمل، الحرارة المهدرة من الإشعاع الشمسي المركز – الصورة من موقع جامعة غراتس
تقنية قديمة واجهت تحديات
لا تُعدّ فكرة توليد الكهرباء والحرارة من الإشعاع الشمسي جديدة، بل توجد منذ سبعينيات القرن الماضي، غير أنها كانت، وما تزال، تواجه العديد من التحديات، نتيجة التكاليف المرتفعة والقضايا التقنية ذات الصلة.
ومع ذلك، نجح فريق البحث الذي يقوده أرمين بوشرويتنر في تجاوز تلك التحديات عبر تطوير ابتكارات تقنيّة عدّة، في سياق مشروع الأبحاث إيكو صن (ECOSun).
فمن خلال تركيز الطاقة الشمسية، تعمل المرآة على تكبير الإشعاع الشمسي بعامل يتراوح بين 60 و120 مرة؛ ما يعني -ضمنًا- أنه لا توجد هناك حاجة سوى لعدد أقل بكثير من الخلايا الشمسية لإنتاج الكمية نفسها من الكهرباء.
وفي دراسة بحثية منفصلة، قال الباحثون أنفسهم، إنه من الممكن شراء المرايا بكميات إنتاج عالية، مقابل ما يتراوح بين 2 و5 دولارات للمتر المربع، بينما تتراوح أسعار الألواح الشمسية بين 70 و100 دولار للمتر المربع.
تقنية أكثر كفاءة
من خلال التعاون مع شركة آي إم كيه سولارميروتيك (IMK Solarmirrotec)، المصنّعة للمرايا، تُصنع المُجمِعات ذات القطع المكافئ بتقنية أكثر كفاءة وفاعلية عبر استعمال طرق الإنتاج الصناعي مثل تقنية القولبة بالحقن، وهي تقنية مستعملة في إعطاء أشكال لمواد مختلفة، مثل اللدائن والزجاج.
وتتمتع الخلايا الشمسية المصنّعة من السليكون بالقوة وفاعلية التكلفة، التي طوّرها الباحثون بالتعاون مع مركز أبحاث الطاقة الشمسية وتطبيقاتها غونام (Günam) في تركيا، بالقدرة على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة لأشعة الشمس المركزة.
ويبرز هذا عاملًا مهمًا بينما تواصل الخلايا الشمسية القياسية كفاحها المتواصل لإنتاج الكهرباء بكفاءة في الظروف الحارة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويشير الباحثون إلى أن المرايا التي تتمتع بخاصية القطع المكافئ تعمل على تعظيم الإشعاع الشمسي بعامل يتراوح بين 60 و120.
كما تمكّن الباحثون من تحسين عملية تبريد الخلايا الشمسية لجعل الحرارة المُهدرة أكثر قابلية للاستعمال في عدد أكبر من التطبيقات.
الخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون المستعملة في الوحدة الشمسية – الصورة من موقع جامعة غراتس
تقنية مُلهمة في الخليج
قال رئيس فريق البحث في جامعة غراتس للتكنولوجيا أرمين بوشرويتنر: “تلك التقنية لديها القدرة على تقديم إسهامات كبيرة في تحول الطاقة”.
وأضاف بوشرويتنر: “حتى الآن توجد محطات الطاقة الشمسية ذات القطع المكافئ حصريًا -تقريبًا- في المناطق المشمسة على وجه الخصوص، مثل إسبانيا أو الخليج العربي”.
وتابع: “ومع ذلك تُظهر اختباراتنا أن تلك المحطات قد تثبت فاعليتها كذلك هنا في النمسا، أو مناطق أخرى، في أن تحلّ محلّ مصادر الوقود الأحفوري الحساس جدًا للبيئة، في العمليات الصناعية”.
وواصل: “نظرًا لأسعار الكهرباء المرتفعة، والرغبة في تحقيق الاستقلالية بقطع الطاقة، تتنامى أهمية الحلول المستقلة والحلول الفاعلة من حيث التكلفة، لإتاحة الكهرباء والحرارة”.
ففي شهر فبراير/شباط (2024)، طورت شركة ناشئة في المملكة المتحدة اللوحة الشمسية الأكثر كفاءة في العالم؛ إذ كشفت أكسفورد بي في (Oxford PV) النقاب عن بناء تلك الألواح الشمسية، ويمكن لتلك الأدوات توليد 25% من طاقة الشمس التي تلتقطها إلى كهرباء خضراء، قياسًا بمتوسط الصناعة الذي يتراوح بين 15-20%.
المصدر: الطاقة