يحاول علماء الجيولوجيا التعرف إلى الأرض عن طريق دراسة طبقاتها ومكوناتها الداخلية، ودراسة تأثير هذه المكونات على سطح الأرض.
وفي العقود الأخيرة تمكنوا من اكتشاف نقاط ضخمة في اللب الداخلي لكوكب الأرض، لكنها زادت من حيرتهم.
إذ لم يستفيدوا من ذلك الاكتشاف الذي بقي غامضاً منذ اكتشافه، حتى تمكنوا من إلقاء نظرة على النقاط الغامضة مؤخراً واستطاعوا دراستها أكثر.
حيث تبين أن هذه النقاط محصورة ضمن القشرة الأرضية على بعد حوالي ٣٠٠٠ كيلومتر ( ١٨٦٤ ميلًا) تحت السطح.
وتعرف هذه النقاط رسميًا باسم المقاطعات الكبيرة ذات السرعة المنخفضة واختصارها بالإنجليزية (LLSVPS).
هذه النقاط ضخمة، وكل منها بحجم قارة، وأطول بمئة مرة من جبل إيفرست، حتى وقت قريب، لم يعرف العلماء سوى القليل جدًا عن هذه النقاط، ولماذا توجد، ولماذا لها أشكال غريبة بارتفاعات متفاوتة.
وفي مثل هذه الأعماق، واجه الباحثون صعوبة في دراسة هذه الأجسام، هم فقط على دراية بوجودها بسبب الطريقة التي تبطئ بها الموجات الزلزالية التي تمر عبرها.
وحتى الآن، كانت الصور التابعة لهذه النقاط أو الأجسام صعبة ومقيدة للدراسة، ولكن الدراسة الجديدة تقدم أوضح صورة لواحدة من تلك النقاط حتى الآن.
وقال المؤلف الرئيسي” زي لي” طالب الدكتوراه في قسم علوم الأرض في جامعة كامبريدج: “من بين جميع السمات الداخلية العميقة للأرض، هذه هي الأكثر روعة وتعقيدًا، لدينا الآن أول دليل قوي لإظهار بنيتها الداخلية، إنها علامة فارقة حقيقية في علم الزلازل الأرضية العميقة”.
استخدم السيد “لي” وفريقه أحدث تقنيات النتيجة الحاسوبية لإنتاج الصورة عن هذه النقاط، باستخدام إشارات عالية التردد لتسجيل الموجات الزلزالية التي مرت عبر هذه.
عن طريق مقياس الكيلومتر، زودت هذه الإشارات الباحثين بنظرة في النقاط، مما أمكن تشكيل صورة بدقة أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق.
ووفقًا للمؤلف المشارك الدكتور “كونغداي لينغ” الذي طور الأساليب أثناء وجوده في جامعة أكسفورد: “نحن ندفع حقًا حدود الحوسبة الحديثة عالية الأداء للمحاكاة الديناميكية المرنة، مستفيدين من تناظرات الموجة دون أن يلاحظها أحد أو يتم استخدامها من قبل”.
ولاحظ الباحثون أن الموجات الزلزالية تباطأت بنسبة ٤٠ في المئة أثناء عبور قاعدة منطقة السرعة المنخفضة هذه تحت هاواي، هذا يدعم المقترحات الحالية بأن المنطقة تحتوي على حديد أكثر بكثير من الصخور المحيطة مما يعني أنها أكثر كثافة وبطء.
وقالت الدكتورة “سان كوتار” رئيسة المشروع من جامعة كامبريدج لعلوم الأرض: “من المحتمل أن تكون هذه المادة الغنية بالحديد من بقايا صخور قديمة من تاريخ الأرض أو حتى أن الحديد قد تسرب من قلب الأرض بطرق ووسائل غير معروفة”.
“سوجوي موخوبادياي” في جامعة كاليفورنيا، سلط ديفيس الضوء على أهمية فهم هذه الكتل، قال: “إذا كانت هذه الأشياء قديمة حقًا، فإنها تخبرنا شيئًا عن كيفية تشكل كوكبنا”.
أشارت دراسة أخرى في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن بعض النقط الضخمة يمكن أن تكون بقايا من تصادم كوني.
ومن الجدير بالذكر، أن لهذه النقاط الغامضة آثاراً جانبية على سطح الأرض، مع احتمالية كونها سلبية بشكل ضئيل جداً.