نشرت مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية تقريراً بقلم “دومينيك نورا”، تصف مشروعاً حديثاً لمخابئ آمنة وفائقة الفخامة تناسب المليارديرات.
وجاء في مقدمة التقرير ما يلي:
“عند حدوث انهيار بيئي أو ثورة اجتماعية أو حرب نووية فلا مشكلة، فشركة أوبديوم (Oppidum) السويسرية تعمل على تهدئة مخاوف 1% الأغنى على الأرض، وذلك بتوفير مخابئ من أجل البقاء على قيد الحياة، آمنة وفائقة الفخامة تناسب المليارديرات”.
حيث يوجد مسكن فخم للغاية، تبلغ مساحته أكثر من ألف متر مربع، يشمل مهبطاً للمروحيات، وموقفَ سيارات يتسع لنصف دزينة، وفناءً بحديقة، ومسبحاً داخلياً، وقاعةَ سينما منزلية، ومساحةً مخصصةً للمؤتمرات، ومعرضاً للأعمال الفنية، مع رفوف لاستيعاب سبائك الذهب.
بالإضافة إلى منطقةٍ لموظفي المنزل، ومطبخٍ أقرب إلى مطعم، وغرفةٍ واسعة للمعيشة وتناول الطعام، مع العديد من غرف النوم بأجواء فنادق 5 نجوم.
إنه بالفعل قصر يناسب المليارديرات، وهو في الحقيقة -كما يقول الكاتب- مخبأٌ تحت الأرض، عبارة عن قلعة مريحة “ذات جودة عسكرية” للحماية من أهوال نهاية العالم، تم تصميمها بأدق التفاصيل الفنية والجمالية من قبل شركة أوبديوم السويسرية التي توظف حوالي 30 شخصاً في لوسيرن وبراغ.
أجمل المخابئ
مؤسس أحد المخابئ الفخمة هو رجل الأعمال التشيكي ياكوب زامرازيل (39 عاماً) الذي عمل في مجال العقارات الفاخرة ثم التسويق الرقمي، وهو شخص حذِر -رفض الحديث للمجلة لكنه أجاب على أسئلتها عبر البريد الإلكتروني- .
ويدعي أنه يبني “ملاجئ فائقة الحداثة والجمال والجودة تحت الأرض” .
مضيفاً أنه ما يزال “في المرحلة الأولية المتعلقة بالتصاريح والتصاميم، من أجل مشاريعه التي تستغرق من 3 إلى 5 سنوات”.
أما الحد الأدنى للميزانية، فيبدأ من 10 ملايين دولار، و40 مليوناً للتصور “المستقبلي”، وما لا يقل عن 100 مليون لنموذج أكثر تعقيداً تم توقيع هندسته المعمارية الداخلية من قبل المكتب الباريسي لمارك بريجنت.
الذي يوضح قائلاً: “لقد عملنا مع جميع رموز الرفاهية التي نقدمها بالفعل لعملائنا في موناكو وكوت دازور أو في الشرق الأوسط”.
ويعمل نظام الإضاءة المتطور على إعادة إنشاء الضوء الطبيعي بشكل مصطنع، حتى يتنوع وفقاً للوقت.
ويظهر موقع الشركة مساحات شاسعة كل شيء فيها فاخر وهادئ وحيوي، من أسقف بارتفاع 5 أمتار إلى ضوء خافت ومواد نبيلة وأثاث موقّع من قبل أفضل الحرفيين على هذا الكوكب.
نهاية العالم؟
الهدف التسويقي لهذه الشركة الناشئة، التي بدأت في أغسطس/آب 2022، هو الثروات الكبيرة جداً بالشرق الأوسط وكاليفورنيا وأوروبا، ولكن أعمالًا بحجم “يوم القيامة” -كما تصفها المجلة- هي الجديد والمقلق، لأن مصطلح “البقاء على قيد الحياة” حتى الآن كان حكراً على أشخاص هامشيين بالزي العسكري، ويلعب دور المنقذ لحماية عائلاتهم.
أما في هذه الحالة، فالمتميزون هم من يبحثون بجدية عن مهرب، ويمكن أن يكونوا مجرد أصحاب ملايين أو مليارديرات حقيقيين يعيشون في بذخ ولكنهم يخشون الغد، ويتصورون أن أحداثا كارثية يمكن أن تقع مثل انهيار بيئي أو سيول جارفة أو سقوط كويكب أو ثورة اجتماعية أو أعمال إرهابية أو ندرة في الموارد مع فوضى أو هجوم نووي أو عاصفة شمسية، أو حتى وباء مميت، ولذلك يريدون الاستعداد لأسوأ الأحوال.
ومن أجل هذه المهمة، تعد شركة أوبديوم لطمأنة هؤلاء، ”بقصر محصّن بـ7 طرق تشغيل مختلفة لمقاومة أنواع مختلفة من التهديدات البيئية والمدنية والباليستية”، ويمكن الوصول إليه بالسيارة بعد التحقق من الهوية بيومترياً عند المدخل، وهو محمي بعدة طبقات من الخرسانة المسلحة وفق معايير الناتو، ولديه مولدان للطاقة الصناعية مع بطاريات احتياطية عملاقة، ونظام ترشيح وتهوية في حالات الطوارئ يتحمل الحوادث الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، بالإضافة إلى مخزون من الأطعمة المغذية “لأشهر أو حتى سنوات”.
البقاء
أما مزايا هذه القلعة فهي -كما تقول أوفيدوم- أن أصحابها المحظوظين لن يضطروا إلى الذهاب بعيداً للبحث عن مأوى ولن يخسروا الثروة المخصصة لبناء هذا المخبأ الفخم، لأنهم يستطيعون العيش فيه يومياً في غياب الكوارث، متمتعين بـ “راحة البال في الملاذ النهائي، عند أي حالة طوارئ ”.
وبالتالي تعد الشركة بـ “الأمن بدون تضحية” مع هندسة “يمكن أن تقارن موثوقيتها بآليات الساعات السويسرية”.
وتزدهر صناعة الخوف -حسب الكاتب- كل مرة يحدث فيها تهديد جديد، مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الماضي، والحوادث المناخية أو إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية، أو جائحة كوفيد، والحرب في أوكرانيا الآن، والزلازل المنتشرة أيضاً، ولذلك قام الأميركي لاري هول، رائد في هذا القطاع بتصميم مجموعة من الشقق الفاخرة والبنى التحتية الجماعية، تم تركيبها في صومعة للصواريخ حفرها الجيش الأميركي عام 1960 على عمق 15 مستوى، لتصمد أمام هجوم نووي سوفياتي.
وفي هذا السياق، تقدم شركة بيبوس (Vivos) الكاليفورنية نفسها على أنها توفر “خطة إنقاذ للبشرية” حيث اشترى مؤسسها روبرت فيسينو موقعا عسكريا سابقا تبلغ مساحته 4600 هكتار، به 575 ملجأ، يمكن شراؤها وتحويلها عند الطلب إلى مساكن آمنة مريحة، ومثلها في ألمانيا.
ويبدو أن كابوس هذه النخبة النهائي -حسب الكاتب- هو تمرد الخاسرين في النظام، لأن اللامساواة آخذة في الاتساع، والغضب يصعد السلم الاجتماعي للطبقات الوسطى، ونظريات المؤامرة تغذي الشعبوية، وبالتالي تخاف النخب في وول ستريت ووادي السيليكون أنها ستكون الهدف الأول.