ربما تعدّ من أكثر الأشياء المسببة للخيبة، هو المعرفة بوجود الآثار مع عدم القدرة على العثور عليها، أو عدم معرفة مكان العثور عليها.
وقد يكون شعوراً مؤلماً أكثر من ألم شعور انعدام وجود الآثار، إننا نتحدث عن شعور دول بكاملها، وليس أشخاص!
حيث سمعنا بحكايات وكُتبت روايات عن الكثير من الكنوز على مستوى العالم، ولكنها بقيت إلى هذا اليوم مجرد أساطير مفقودة دون أثر.
إذ اختفت العديد من الكنوز الثمينة التي لا يُعرف لها أثر إلى اليوم، بسبب الحروب وعمليات السرقة وربما كان للكوارث الطبيعية سبب في ذلك.
إليك أبرز تلك الكنوز التي مازال كثيرون يحلمون بالعثور عليها:
قبر جنكيز خان
يكتنف الغموض نهاية جنكيز خان الذي توفي صيف عام 1227، خلال حملة على طول الروافد العليا للنهر الأصفر في ينتشوان الصينية، لكن السبب الحقيقي لوفاته لا يزال مجهولا، بحسب تقرير لموقع ذا كولكتور (the collector).
ربما من المنطقي الافتراض أنه مات متأثرا بجروح أصيب بها خلال المعركة. ومن المنطقي أيضًا الاعتقاد بأن هذه الجروح لم تأت من سهم العدو، كما اقترح المستكشف الإيطالي ماركو بولو، ولكن من السقوط من على جواده أثناء الصيد.
ولدت السرية التي أحاطت بوفاة جنكيز خان الكثير من التكهنات، وألهمت لاحقًا سيلًا لا نهاية له من القصص الملفقة التي بالكاد تتميز عن الخيال الخالص.
يزعم المؤرخون أنه قبل سنوات عديدة من وفاته، تمنى جنكيز خان أن يُدفن في قبر غير مميز في منغوليا.
بعد الوفاة، تم نقل جثة جنكيز خان من قبل جنوده إلى وطنه، حيث تم دفنه -بناءً على طلبه- في قبر غير مميز، في مكان ما في قلب جبال برخان خلدون.
وكما طلب هو نفسه خلال حياته، لم يتم وضع علامة على المكان بأي شكل من الأشكال، لا ضريح ولا معبد ولا شاهد قبر.
بناءً على الأساطير، قُتل كل جندي شارك في الدفن من أجل الحفاظ على سرية المكان. تزعم أساطير أخرى أن شعبه أطلق ألف حصان بالمنطقة لإخفاء أي علامات على نشاط بشري، وأنهم قاموا أيضًا بتغيير تدفق النهر القريب ليمر فوق قبره، وحتى بعد قرون من البحث والتنقيب، لم يتم العثور على أي أثر لمقبرة جنكيز خان.
مدينة الإنكا المفقودة
رغم اكتشافها مطلع القرن العشرين على يد عالم آثار أميركي، ما زالت أسرار كثيرة تكتنف مدينة ماتشو بيتشو في جبال الأنديز.
يقال إن الإسبان حين وصلوا مدينة كوسكو في بيرو، حمل أهالي المنطقة من السكان الأصليين الأشياء ذات القيمة من مدينة “ماتشو بيتشو” (Machu Picchu) ولجؤوا إلى مكان مجهول إلى “بايتيتي” المدينة الأسطورية “الذهبية” التي لم يُعثر عليها حتى اليوم.
يقال إن الأهالي قد أحرقوا بيوتهم قبل الرحيل حتى لا يجد الإسبان شيئا ذا قيمة. فهل ساعدت أدخنة النيران في حجب موقع ضخم مثل أطلال مدينة ماتشو بيتشو؟ تقول بعض النظريات إن الإسبان اعتقدوا أن تلك المنطقة هي المدينة الذهبية لكن سرعان ما تبين لهم خطأ تخمينهم. ويقال إنهم لم يمروا بمرتفعات ماتشو بيتشو أصلا وإن الأهالي تعمدوا ألا يأتوا على ذكرها كي لا يخربها الغازي الجديد.
تشير نظريات إلى أنها كانت مدينة مقدسة وتقام بها طقوس دينية، وأن الغطاء النباتي الذي يحيط بآثار إمبراطورية الإنكا في تلك المرتفعات ساهم في إبعاد أنظار الإسبان عنها، فبقيت مختبئة بين الأشجار والغيوم، وأطياف أناس هجروها بعد حرب أهلية كانت قد بدأت وانتهت قبل الغزو الأجنبي.
غرفة العنبر
في تقرير نشرته صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية، تقول الكاتبة آدا نونيو إن تلك الكنوز المفقودة تمتلك سحرا خاصا وأهمية بالغة، ليس فقط بسبب قيمتها المادية، بل أيضا بسبب الأساطير والقصص الغريبة التي تروى عنها.
بعد أن فقدت الغرفة الأصلية تم افتتاح نسخة مطابقة في قصر كاترين عام 2003 (الأوروبية)
تعرف أيضا بأنها “ثامن عجائب العالم” و”حجر الشمس” وقد صممها النحات الألماني أندرياس شلوتر وبناها حرفي دانماركي مختص في العنبر يدعى جوتفريد ولفرام، لتكون جزءا من قصر ملك بروسيا فريدريش الأول خلال القرن 18.
نجت الغرفة بشكل مدهش من التدمير خلال الثورة البلشفية، لكنها اختفت خلال الحرب العالمية الثانية ولم تبق منها إلا قطعة واحدة.
صيف عام 1944، قصف الحلفاء مدينة كونيغسبرغ ودُمرت القلعة التي توجد داخلها غرفة العنبر، ثم اختفت وظل مكانها غير معروف إلى اليوم.
عام 2003، تم افتتاح نسخة مطابقة للغرفة في قصر كاترين بمناسبة الذكرى السنوية 300 لتأسيس مدينة سانت بطرسبرغ.
قبر نفرتيتي
في وقت سابق، كان علماء الآثار يعتقدون أنه يمكن العثور على بقايا قبر نفرتيتي في مقبرة توت عنخ آمون، لكن الدراسات الجديدة استبعدت هذه النظرية لأنه لا توجد غرف مجاورة لحجرة دفن توت عنخ آمون.
وأعلنت دورية نيتشر المرموقة عن نتائج اطلاعها على تقرير أعده -العام الماضي- فريق بحثي بقيادة ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري السابق، يشير إلى أن قبر توت عنخ آمون، الموجود في وادي الملوك والملكات بالبر الغربي في مدينة الأقصر المصرية، قد يحتوي على غرفة سرية خلف حجرة الدفن.
ويعتقد الفريق البحثي أن تلك الغرفة قد تحتوي على مقبرة الملكة “نفرتيتي” زوجة الملك أمنحوتب الرابع، فرعون الأسرة 18، وحماة توت عنخ أمون، حيث لم يتمكن أحد في السابق من إيجاد مقبرتها بوادي الملوك والملكات، حسب تقرير سابق للجزيرة نت.
قبر الإسكندر الأكبر
عندما مات الإسكندر الأكبر في بابل لم يبق قبره هناك فترة طويلة. وتقول بعض الروايات إن بطليموس سرق جثته أثناء عودته إلى مقدونيا وأخذها إلى الإسكندرية، وبقيت هناك عدة قرون. ويشير المؤرخون إلى أن القبر نُهب عدة مرات، حيث كسر الإمبراطور الروماني أوغسطس الأنف، وسرق بومبي “العظيم” العباءة، ونهب كاليغولا الدرع، وقد اختفى القبر تماما بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية.
عام 2015، تم العثور على قبر ضخم في أمفيبوليس (شمالي اليونان) واعتقد البعض أنه قبر الاسكندر، قبل أن تثبت الحفريات أنه قبر هيفايستيون، أقرب صديق للإسكندر الأكبر الذي لا يعرف أين دفن على وجه التحديد.
ألماسة فلورنسا
تعد هذه الألماسة إحدى أشهر الماسات في التاريخ، لكن لم يتم العثور عليها حتى اليوم. هناك نظريات مختلفة حول أصلها، لكن حجمها يُقدّر بنحو 137.27 قيراطا.
عام 1918، عندما انتهت الحرب العالمية الأولى واختفت الإمبراطورية النمساوية المجرية، أخذت العائلة المالكة معها الألماسة إلى المنفى في سويسرا. وعام 1921، قيل إن شخصا مقربا من العائلة سرقها مع عدد من الأحجار الكريمة الأخرى من التاج النمساوي وأرسلها إلى أميركا الجنوبية. منذ ذلك الحين، أصبح مكانها غير معروف.
سفينة زهرة البحر
بلغ طول هذه السفينة 36 مترا وعرضها 33 ووزنها أكثر من 400 طن، وأصبحت واحدة من مفاخر الأسطول البرتغالي عندما تم بناؤها عام 1502. في إحدى رحلاتها، ذهبت السفينة إلى ماليزيا، وتم ملء مخازنها بكنوز من قصر السلطان الماليزي. وفي رحلة العودة، واجهت عاصفة أغرقتها قبالة سواحل سومطرة.
وتُقدّر الكنوز التي احتوتها السفينة بأكثر من ملياري يورو، بالإضافة إلى 54 ألف كيلوغرام من الذهب.
قبر كليوباترا
تقول الأسطورة إن الملكة كليوباترا قررت الانتحار بعضّة ثعبان سام حتى لا تقع أسيرة لجيش أوكتافيان، وهناك نظريات أخرى تشير إلى أنها ماتت بطريقة أقل مأساوية.
على أي حال، فقد وضع موتها حدا لحكم سلالة البطالمة، ليبدأ انحدار الحضارة المصرية القديمة.
وتعتقد مصلحة الآثار المصرية أن قبر كليوباترا يقع بالقرب من معبد “تابوزيريس ماجنا” جنوب غرب الإسكندرية (شمال القاهرة) في حين يؤكد علم الآثار المصري زاهي حواس أنه موجود بالقرب من قصرها الخاص في الإسكندرية، لكنها مدفونة تحت الماء.
مازالت جهود الباحثين وعلماء الآثار العربية والغربية، مُستمرة إلى هذا اليوم للعثور على جميع الآثار والكنوز المفقودة.
المصدر: aljazeera.net