منوعات

وجدوا داخلها ما سيعيد كتابة التاريخ ..قصة مدينة عمرها 4000 عاماً اكتشفها فلاح سوري بالصدفة

من يمكنه إنكار أن سوريا أرض الديانات والحضارات، ومهبط الأنبياء والمرسلين، كانت ومازالت مرجعاً للأحداث الهامة.

ففي أرضها حدثت الملاحم وستحصل النهايات، إنها بلاد الفتوحات والحضارات التي تكسرت على عتباتها أمواج القادمين إلى المشرق، بلد العلم والكتاب.

حيث تشهد مدينة اكتشفها مزارع عربي بالصدفة أربعين حضارة منذ 3200 سنة حتى يومنا هذا مرت على سوريا وذهبت جميعها في ظرف 10 سنوات حيث هدمها مغول العصر.

ولم يتركوا حجراً على حجر بعد نهب الغالي والنفيس واستقدموا الاحتلال باتفاقيات زائفة وباعوهم كل شيء ليحافظوا على كرسي الحكم.

مدينتا أوغاريت التي سنتحدث عليها اكتشفها فلاح سوري في ساحل البحر المتوسط وكان اكتشافاً غير التاريخ.

كانت مملكة أوغاريت، التي أسسها الكنعانيون في العصر البرونزي الحديث (1200-1600) قبل الميلاد،

ملتقى ومعبر طرق برية وبحرية بين الحضارات والممالك على نهر الفرات شرقاً والعالم الإيجي وجزيرة كريت غرباً ومصر جنوباً.

تقع أوغاريت في منطقة تدعى رأس شمرة شمال مدينة اللاذقية على الساحل السوري وعرفت بهذا الاسم نسبة لنبتة عطرة تعرف بـ”الشمرة”.

يفسر البعض الاسم بالآرامية، ومعناه الحراسة والمراقبة، لأنه مكان عالٍ وقريب من البحر.

أما تسميتها أوغاريت فهي مأخوذة من أوغارو، أي الحقل في السومرية.

كما تعني الأرض الخضراء أو المزرعة (السهل)، وتغطي آثار الموقع مساحة تقارب 36 هكتاراً.

تم اكتشاف موقع حضارة أوغاريت بالصدفة عن طريق فلاح سوري كان يحرث أرضه عام 1928، إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا بدأت البعثة الفرنسية عملها في الموقع في العام التالي.

الجزء المكتشف من المملكة وقتها كان لا يتجاوز ربع المساحة الكلية للموقع.

لكن بعد اكتشافه هربت الكثير من الآثار المكتشفة بحراً إلى متحف اللوفر في باريس خلال الاحتلال الفرنسي، وفق الموسوعة التاريخية Ancient History Encyclopedia.

قدمت أوغاريت التي اكتشفها فلاح سوري للعالم واحدة من أقدم الأبجديات المكتوبة في التاريخ (الأبجدية الأوغاريتية)،

تشابه أبجدية أوغاريت في ترتيبها الأبجدية العربية مع بعض الفروق وتُدرس حالياً في 40 جامعة حول العالم.

اختصرت الأبجدية الأوغاريتية الإشارات المسمارية الكتابية من 600 إشارة إلى 30 حرفاً، ومعظم النصوص التي سُطرت بهذه اللغة هي نصوص اقتصادية وأدبية.

والنسخة الأصلية من رقم فخاري بطول 5.5 سم وعرض 1.3 سم محفوظة حالياً في متحف دمشق الوطني.

هذه الأبجدية تتصل بصلة القربى بكل من اللغات الكنعانية والآرامية والعربية والعبرية التوراتية،

وكلها تنتمي إلى عائلة اللغات السامية، وتنقسم هذه العائلة إلى عدد من المجموعات هي:

أولاً– السامية الشمالية الشرقية، واستخدمت في وادي الرافدين، وتضم الأكادية بلهجتيها البابلية والآشورية.

ثانياً– السامية الشمالية الغربية، وتحتوي على الأوغاريتية والفينيقية والمؤابية والعبرية، وعدد آخر من اللهجات الكنعانية.

ثالثاً– السامية الجنوبية، وتحتوي على العربية الكلاسيكية، والعربية الجنوبية القديمة والإثيوبية.

تعتبر أوغاريت المؤسس الحقيقي للموسيقى الغربية، حيث إن أقدم القطع الموسيقية المدونة في العالم، والتي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد.

اكتشفت المقطوعة عام 1950 في مدينة أوغاريت، وقام بفك رموزها الكاتب ريتشارد دمبريل صاحب كتاب “آثار علم الموسيقى في الشرق الأدنى القديم”.

واستخدمت أبجدية أوغاريت في تسجيل سلم موسيقي اعتمده فيثاغورث أصلاً للموسيقى الغربية بعد ألف عام من ظهورها في أوغاريت”، وفق شبكة التاريخ الأمريكية History.

قبل 1400 من الميلاد كانت قد دونت مجموعة موسيقية تحتوي على 36 أغنية أطلق عليها اسم “الأغاني الحرانية”، حفرت بالخط المسماري على ألواح من الطين.

ويبدو أنها ألفت تضرعاً للآلهة، وإحداها وُجدت بشكل شبه كامل ما يجعلها أقرب مثال معروف للتدوين الموسيقي في العالم.

ينتصب التل الأثري في أوغاريت في أراضٍ زراعية على شكل مربع منحرف قليلاً تبلغ مساحته 36 هكتاراً تقريباً ومتوسط ارتفاعه عن سطح الأرض 17 متراً.

شهد هذا التل مرور 5 حضارات مختلفة في تاريخ سوريا القديم بدأت منذ العصر الحجري، وحتى الحضارة الأوغاريتية.

كما أظهرت تنقيبات البعثة الفرنسية، أن هذا التل قد سكن منذ العصر الحجري الحديث في الألف السابع قبل الميلاد حتى عصر البرونز الحديث.

بلغت ذروة عمران مدينة أوغاريت في الفترة بين عامَي 1200-1400 قبل الميلاد. وكشفت التنقيبات عن آثار لمدينة جيدة التخطيط والمباني ومتقدمة العلوم.

ومما يدلل على ازدهار هذه المملكة اكتشاف ثلاثة قصور فيها وعدد من المعابد، كما كانت بعض بيوتها السكنية بطابقين.

من أهم المعالم الأثرية، قصر كبير (القصر الملكي الغربي) يحيط به قصران، جنوبي وشمالي.

ويعتبر هذان القصران من أهم مساكن الأمراء والملوك وأكثرهما شهرة في منطقة الشرق القديم.

إلى جانب ساحات القصر شمالاً يلاحظ وجود المقبرة الملكية، التي تتكون من بعض الكهوف والسراديب الجنائزية.

كما يوجد الحيّ الديني “الأكروبول” والمشهور بمعبديه “بعل وداجان”.

وفي القسم الشرقي للمدينة، توجد كذلك حديقة القصر الملكي المتصلة برواق إلى الجنوب بمخازن القصر الملكي.

كما تم اكتشاف فرن لشيّ الرُقم الفخارية، التي سُطرت عليها آلاف النصوص المسمارية مسلطة الأضواء على تاريخ المدينة وعلاقاتها واقتصادها وآدابها وآلهتها وغير ذلك.

دلت الوثائق الكتابية التاريخية على أن  مدينة أوغاريت التي اكتسفها فلاح سوري كانت ذات يوم مركزاً ثقافياً وتعليمياً وحضارياً مرموقاً.

فقد اكتشفت فيها مكتبات عدة إحداها كانت لرئيس الكهنة، ومكتبة أخرى في بيت أحد الموظفين الملكيين ومكتبات أخرى متفرقة.

وقد عثر في هذه المكتبات على كتب دينية وثقافية، ورسائل تجارية من بلدان أخرى، ومعاجم متعددة للغات سومرية أكادية أوغاريتية، ونصوص أدبية ودينية وعلمية كما عثر على مقطع للأسطورة السومرية الشهيرة “جلجامش”.

هنالك فرضيتان حول نهاية أوغاريت عام 1180 قبل الميلاد، في كارثة لا تزال آثارها واضحة، خصوصاً في القصر الملكي.

فإما كان زلزالاً قوياً دمر المدينة أو غزواً خارجياً من قبل قوم عرفوا باسم شعوب البحر.

فقد كثرت الزلازل المدمرة آنذاك، وازدادت الغزوات الخارجية أيضاً، ولذلك لايزال السبب مجهولاً حتى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى