دفعت ظروف الحياة القاسية التي مرت بها سوريا ومازالت، إلى هجرة أبنائها وشبابها وتشتتهم في مناطق متفرقة من العالم.
وقد برز مؤخراً في مدينة “دوسلدورف” غربي البلاد، شاب سوري يبلغ من العمر 15 عاماً، تمكن من حجز مقعد بجامعة “هاينرش هاينه” لدراسة الفيزياء، وسط دهشة واستغراب الجميع، بحسب ما نقلته قناة “WDRforyou” الألمانية.
تقول القناة التي أجرت معه مقابلة مرئية، إن الطالب يدعى “جوزيف ميلاد”، وأنه مولع بالفيزياء منذ الصغر.
بحسب القناة، فإن “جوزيف” يدرس منذ إبريل/نيسان الماضي، الفيزياء في جامعة هاينرش هاينة في “دوسلدورف” إلى جانب ذهابه إلى المدرسة.
وقال “جوزيف” للقناة في تقرير مصور، إنه لطالما كان مولعاً بالعلوم الطبيعية وبالذات الفيزياء، وذلك عندما كان في السابعة من عمره وربما قبل ذلك، وأيقن -حسب قوله- أنه يمكنه الدراسة في الجامعة لأنه كان متميزاً بالرياضيات أيضاً.
ووفق التقرير، قدم “جوزيف” طلباً للجامعة بأنه يرغب بالدراسة، ولهذا كان يحتاج لعلامات جيدة ومعلومات مسبقة عن مادة الفيزياء ورسالة الدافع وتوصية من المدرسة التي كان يدرس فيها.
وتابع التقرير أن لدى البروفسور “إكسل غورليتس” دائماً تلاميذ في محاضراته يستطيع المرء التعرف عليهم لأنهم صغار في السن، ولكن في أغلب الأحيان تكون كفاءاتهم عالية، وبالكاد نلاحظ فرقاً عن الطلاب الآخرين، من حيث الأداء فمنهم مميزون في مجال معين يتقدمهم عن زملائهم في المدرسة، ولذلك من الجيد -كما قال- قدومهم إلى هنا.
وأكمل التقرير، أن “جوزيف” كبقية طلاب الفيزياء يحضر محاضرتين في الأسبوع إضافة لمجموعة التمرين، وكل ما يفوته من دروس في المدرسة، عليه أن يعوضها بنفسه، مما يجعله يمضي وقتاً طويلاً على طاولة المكتب.
ويقول “جوزيف” بينما كان منكباً على طاولة الدراسة أنه ليس لديه الكثير من الفراغ الآن، ولكن مازال بإمكانه عزف الناي والقراءة قليلاً، وهذا ما يفعله عادة مساء بعد أن ينهي كل واجباته، وربما يلعب الشطرنج مع والده ويربح.
ويعود التقرير إلى بداية قدوم “جوزيف” إلى مدينة “راتينغن” الألمانية عام 2017 مع أمه إلى عند والده ميلاد الذي سبقه في اللجوء، ولم تكن الأشهر الأولى في المدرسة سهلة بالنسبة له.
ويقول الفتى الموهوب: “في البداية كان علي التأقلم مع اللغة ومع الثقافة الجديدة والطقس”.
وتقول والدته في البداية كان ذلك صعباً على كل أفراد العائلة ولم يتمكنوا حينها من التحدث باللغة الألمانية، كما لم يكن لدى “جوزيف” أصدقاء حتى أنه كان يبقى دائماً بمفرده في باحة المدرسة، ولم يستطع حتى اللعب في الأشهر الثلاثة الأولى ولكن بعد ذلك أصبح كل شيء جيداً خاصة في البداية، حيث كان هناك متطوعون يساعدون العائلة خصوصاً في اللغة.
وأردف التقرير بالنسبة للأب “ميلاد” كان مهماً جداً أن يتعلم أفراد أسرته اللغة الألمانية بسرعة، ويقول “على المرء أن يمتلك الإرادة ليتمكن من تعلم لغة مختلفة لا يهم أي لغة كانت”، مضيفاً أنه لم يكن للعائلة من خيار آخر سوى تعلم اللغة الألمانية لتتمكن من البقاء هنا والاندماج في هذا المجتمع.
ويعمل والد “جوزيف” كفني للمواد الغذائية، أما والدته فهي تجري تدريباً مهنياً في مجال رعاية الأطفال، وكلاهما فخوران جداً بولدهما.
ولدى “جوزيف” خطة دقيقة فشهادته في الثانوية العامة ستكون في عام 2027 بعدها سيبدأ بالبحث لتطوير تقنيات لإمداد الطاقة، وقال لكاتبة التقرير: “أتمنى أن تتصرف السياسة الآن وفقاً للعلماء، وليس وفقاً للمكاسب الإقتصادية”.
متمنياً أن يتمكن العلماء من إيجاد حل للاعتماد على مصادر الطاقة الأخرى، واستبدالها بالفحم والغاز المعتمَدين اليوم.